يتناول هذا الكتاب مظاهر أوجه الحضارة الإسلامية، ومنارات بنائها الحضاري، وذلك تذكيرًا للمسلمين بعظيم تاريخهم الإسلامي، ودورهم القديم في ركب الحضارة الإنسانية، بعد أن عصفت بهم وبمجتمعاتهم حالة الوهن التي أصابت المسلمين، ودفعًا لحملة التغريب والهجوم المستمر على الإسلام وجعله في موقف المدافع دومًا أمام الغرب، يقول الكاتب: "وهذا الكت...
قراءة الكل
يتناول هذا الكتاب مظاهر أوجه الحضارة الإسلامية، ومنارات بنائها الحضاري، وذلك تذكيرًا للمسلمين بعظيم تاريخهم الإسلامي، ودورهم القديم في ركب الحضارة الإنسانية، بعد أن عصفت بهم وبمجتمعاتهم حالة الوهن التي أصابت المسلمين، ودفعًا لحملة التغريب والهجوم المستمر على الإسلام وجعله في موقف المدافع دومًا أمام الغرب، يقول الكاتب: "وهذا الكتيب الذي بين يدي القارئ الآن يأتي تذكرة مركزة لتحديد من «نحن» ومن «هم»، ودور كل في البناء الحضاري. وقد اعتمدت في ذلك على شهادات «الآخرين» الذين لا يحسبون على المسلمين، أي على شهادات «هم»". كما ينبه الكاتب أن كتابه بمثابة نواة لبدء حوار حضاري حقيقي يقوم على نسبة الفضل لأهله، وعدم إغماط الحقائق، وبيان أوجه التقابل والتلاقي بين الحضارات المختلفة، يقول الكاتب: "كذلك أرجو أن يكون هذا الكتيب مفكرة في جيب كل من له علاقة بالحوار الإسلامي المسيحي، كاتبًا أو عاملًا أو محاورًا، ولن يصح في النهاية إلا الصحيح". وقد بين الكاتب في فصول كتابه: مقومات الحضارة الإسلامية القائمة على العلم واحترامه، بل وجعله فريضة دينية جنبًا لجنب مع مفهوم التوحيد والإيمان، كما دحض كثيرًا من الشبه التي دومًا يرددها المستغربون حول الحضارة الإسلامية، وبين أن تلك الشبه كان نقيضها دومًا هو ما يبرز ويبين عظمة الإسلام ومظاهر حضارته الإنسانية؛ والتي من أهمها: احترام حقوق المرأة، والتسامح الديني، وتحرير الشعوب. وبين الكاتب خلال كتابه أوجه التناقض والتباين بين الحضارتين الإسلامية والغربية؛ والتي كان من أهمها شبهة الدولة الدينية، حيث بينَّ أن الإسلام لم يعرف الدولة "الثيوقراطية" كما عرفتها أوروبا، جاء في مجلة الشئون الدولية البريطانية: "إن القضية هي ما إذا كان من الممكن جعل الإسلام يقبل بقواعد المجتمع العلماني - من خلال صراعات كثيرة وطويلة ومؤلمة - أم أن رسوخ الإسلام في المجال السياسي والاجتماعي يجعله يرفض قبول المبدأ المسيحي الغربي الذي يميز بين ما لله وما لقيصر؟! ويعكس هذا الطرح إلى أي مدى يميل الفكر الغربي إلى جعل الحضارة المسيحية اليهودية الغربية هي الحضارة المهيمنة، وجعل أفكارهما مطلقة وليس مجرد ثقافة بين ثقافات عديدة يعج بها العالم. والإسلام من بين الثقافات الموجودة في الجنوب هو الهدف المباشر للحملة الغربية الجديدة". وقد ذكر الكاتب أمثلة لما دمرته الحضارة الغربية الحديثة لحضارات شعوب الأرض، وانتهاك لحقوق الإنسان على مدى أجيال وأجيال، وذلك بشهادات مؤرخي الغرب أنفسهم ومفكريهم، وبيان أن الغرب نفسه قد خالف تعاليم المسيح التي ينادي بها ليل نهار، ومع ذلك لا نجده مثلًا بدور المدافع الذي حصر دومًا فيه الإسلام، بل موقف المتغطرس المتكبر المتفضل على العالم وشعوبه. وفي خاتمة الكتاب يلخص الكاتب أهم نتائجه من هذه الدراسة؛ من كون الحضارة الإسلامية هي المنهل العذاب الذي استقت منه الحضارة الغربية، وأنه وفي هذا العالم المضطرب الذي يعج بالمشاكل ويواجه كل يوم بما لم يكن متوقعًا من كوارث ونكبات، ليس أمام عالمي الغرب والإسلام إلا اللقيا والحوار، حوار الند للند، وحوار الأحرار من غير تجبر واستكبار.