يعيش النظام العربي حالة من الضعف وعدم الفاعلية، لا تليق بموقعه الاستراتيجي ولا بإمكانياته الفعلية التي يتم إهدارها بشكل أو بآخر. هذا ما جعل الآخرين يتزاحمون من أجل إعادة ترتيب المنطقة بشكل يخدم مصالحهم. وقد عملت المتغيرات التي شهدها العالم ومن ضمنه المنطقة العربية، على جعل إمكانية تنفيذ تصورات الأخرين إمكانية واقعية. فهناك العدي...
قراءة الكل
يعيش النظام العربي حالة من الضعف وعدم الفاعلية، لا تليق بموقعه الاستراتيجي ولا بإمكانياته الفعلية التي يتم إهدارها بشكل أو بآخر. هذا ما جعل الآخرين يتزاحمون من أجل إعادة ترتيب المنطقة بشكل يخدم مصالحهم. وقد عملت المتغيرات التي شهدها العالم ومن ضمنه المنطقة العربية، على جعل إمكانية تنفيذ تصورات الأخرين إمكانية واقعية. فهناك العديد من أطراف المنطقة غير العرب وأطراف خارجية، لها مصالح حيوية فيها وتملك تصورات للمستقبل ولشكل العلاقات التي يؤسس عليها.في ظل هذا الوضع يتم الاندفاع من قبل بعض أطراف النظام العربي صوب مشروعات الآخرين، دون تحقيق شروط الحد الأدنى الوقائية، وهذا ما يهدد النظام العربي بمزيد من الضعف والتفكك. وهكذا تنتقل المسيرة السلمية إلى التطبيع والتعاون الاقتصادي والسياسي، بل والأمني مع إسرائيل دون تحقيق تسوية سياسية مقبولة للدول التي تحتل إسرائيل أراضيها، مما يجعل حركة بعض أطراف النظام العربي ضاغطة على شركاء في النظام ذاته. من هنا برزت الحاجة إلى هذه الدراسة حول النظام العربي. والتي انطلق الباحث فيها من حقيقة استمرار وجود النظام العربي، رغم كل حالة الضعف والوهن التي يعانيها، لكنه يمر بمرحلة حاسمة في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية في التسعينات، التي زادت من الأخطار التي يواجهها مما يهدد النظام بالاندثار.وتساؤل لا بد من طرحه عن مصير وقدرة هذا النظام على البقاء في ظل هذه الأخطار والتحديات، وقدرته على تجاوز أزماته ونزاعات أطرافه. فهل يستطيع النظام العربي مقاومة الانهيار الذي تشير إليه كل المعطيات ويتفق عدد كبير من الباحثين عليه؟ هل يستطيع تجاوز أزماته وعثراته والتكيف مع الأوضاع الجديدة، ليساهم في صناعة مستقبل المنطقة بما يتوافق ومصلحة أطرافه، أم يندثر كأجزاء في أنظمة إقليمية أخرى تبنى على حساب رابطة العروبة ومصالح أطرافه؟لذلك تظهر أهمية دراسة النظام العربي: بنيته، وتفاعلاته، ونزاعاته، وتطوره... التي جاءت في هذا الكتاب حيث يبين الباحث بأنه لم تكن كل تفاعلات النظام العربي سلبية، بل كان هناك صفحات مشرق في تاريخه، وإنجازات لا يمكن تجاوزهما، رغم كل السلبيات التي عاناها. فهل تستطيع الدول العربية أن تنجز الحد الأدنى من التوافق، صعوداً به لصياغة استراتيجية عربية تحمي مستقبل المنطقة ودولها وشعوبها المكونة للنظام؟ هذا ما يحاول الباحث استشفافه من خلال هذه الدراسة.