احتضنت واحدة وشتا ميشان المجاورة لعلام أو سومر القديمة علا الدوام مياه نهر الكرخة، ومنذ أواخر السلالة الإشكانية وما بعد سكنت مجموعة من أقدم الأقوام في هذه المنطقة حيث يسمون أنفسهم بالصابئة أو المندائيين.وفي الحقيقة أن المندائي هو اسم مكان. أما الصابئي فهو الاسم الديني، وقد نرجمت كلمة الصابئة في اللغة العربية بالمغتسلة، أي أولئك ...
قراءة الكل
احتضنت واحدة وشتا ميشان المجاورة لعلام أو سومر القديمة علا الدوام مياه نهر الكرخة، ومنذ أواخر السلالة الإشكانية وما بعد سكنت مجموعة من أقدم الأقوام في هذه المنطقة حيث يسمون أنفسهم بالصابئة أو المندائيين.وفي الحقيقة أن المندائي هو اسم مكان. أما الصابئي فهو الاسم الديني، وقد نرجمت كلمة الصابئة في اللغة العربية بالمغتسلة، أي أولئك الذين ارتبك أمر طهارة أجسامهم وألبستهم وأمور نظافتهم ارتباطاً كاملاً بمياه النهر. وقد وردت كلمة منداء في كتبهم "مادا" و"آمادا" وقد أخذت من كلمة "مادى" و"ماد" وتعني في اللغة والتاريخ اليوناني القديم بـ"مدى". وفي اللغة العربية وبعد الإسلام أطلق عليه "ماه" وتدل اليوم تسمية واحدة "ماهيدشتا" في منطقة "كربان شاهان" من وجود هذه الواحة على أرض "ماد" أو "مادى".ويعدّ الصابئة من الأقوام الآرامية، وكان موطنهم الأصلي مصر وفلسطين القديمة، أما اليوم فإنهم يسكنون جنوب العراق وإيران. ويعتقد المندائيون أنهم من أتباع سيدنا آدم وسيدنا شيثل (شيث بن آدم) وسيدنا نوح وسيدنا سام بن نوح وأخيراً سيدنا يحيى عليهم سلام الله أجمعين.أما كتبهم المقدسة فهي "كنزاربا"، "سيدرا" و"ادنشمانا"، "دراشا أديهيا" "تعاليم يحيى"، "قلستا" (الزواج)، "أنياني" (الدعاء)، "أسفر ملواشة"، "ألف توسرشياله" (ألف واثنى عشر سؤا)، "قماها"، وجميع هذه الكتب باللغة الصابئة.هذا وإن لهذه الأقلية الدينية عادات ولغة أبجدية قديمة وإن وجود هذه اللغة وهذه الأبجدية القديمة هي التي حالت دون أن يطلع الباحثون والكتاب اطلاعاً وافياً على هذه الطائفة الدينية، فالذين يعرفون لغة وأبجدية هذه الأقلية قليلون جداً، مما جعل الباحثين وكثيراً من المحققين والكتاب يكتبون حولهم أشياء مغلوطة وينسجون أوهاماً لا صحة لها وهذا الكتاب هو بمثابة بحث تاريخي ديني في عقائد الصابئة، يعطي الدارس والباحث والقارئ تصوراً واضحاً عن الديانة الصابئة خاصة وأن المؤلف يعدّ من أبناء هذه الطائفة، يسعى جاهداً لتعريف دين طائفته إلى الآخرين، بالإضافة إلى ذلك، فإن الكتاب قد تمّ تأليفه تحت إشراف كبار علماء الصابئة الأهوازيين وعلى مستوى (كنزوروا وترميده).يضم الكتاب بين دفتيه سبعة عشر فصلاً، أورد المؤلف في الفصل الأول الآيات القرآنية التي تحدثت عن الصابئة. وفي الفصل الثاني يتحدث المؤلف عن أصل التسمية (تسمية الصابئة) ومعنى جذور كلمة صابئة. أما الفصل الثالث فهو مختص للتاريخ تناول فيه المؤلف نظرة الطائفة الدينية إلى كيفية خلق هذا العالم، وخلق الملائكة والأرض والبحار والسموات السبع وكذلك إلى كيفية ظهور الإنسان، والكائنات الحية على وجه الأرض ومسيرة الصابئة منذ نشوء الديانة الصابئية حتى هجرة الصابئة من فلسطين ووصولهم إلى العراق حيث يعتبر المؤلف أن الصابئة هم أول قوم هاجروا من فلسطين. أما الفصل الرابع فقد تحدث فيه المؤلف عن اللغة والأبجدية المندائية، وفي هذا الصدد يقول أن اللغة مندائية بعيدة عن التأثر باللغات بالأجنبية الأخرى. ويتضمن هذا الفصل كلمات مندائية كثيرة وقد تمت ترجمتها إلى اللغة العربية مع عدد من الجمل المندائية بغية التعرف على هذه اللغة كما ورد في هذا الفصل اسم عدد من الكتب الصابئية تم الحديث عنها. أما الفصل الخامس فيتحدث فيه المؤلف عن التعميد. والفصل السادس يتناول الزواج والطلاق والطقوس التي ترافق الزواج. أما الفصل السابع فعن الأيام والأعياد لدى الطائفة الصائبية. ويتناول الفصل الثامن تعاليم سيدنا يحيى عليه السلام. أما الفصل التاسع فيتناول سلك الروحانية والمراتب التي يقطعها الصابئي حتى يصبح رجل دين، "كنزوروا" و"ترميده" وهما من المراتب الدينية. وفي الفصل العاشر يتحدث المؤلف عن "الرشاقة" أي الوضوء، وعن كيفية ذبح الحيوانات المحللة في الديانة الصابئة في الفصل الحادي عشر حيث يوضح المؤلف القواعد الخاصة للذبح، والفصول الباقية خصصت على التتابع للحديث عن: الصيام، المحرمات، الموت ومراسم الدفن، غذاء الرحمة على الأموات (لوفاني) واليوم المعاد أو يوم القيامة.