"أخذ نفساً عميقاً. منذ مدة لم يستمع للموسيقى. أدخلته الأحداث من حوله في دوامة، وجعلته عازفاً عن كل شيء. سلافة أحست بكل ما يدور في ذهنه. حاولت كثيراً أن تخرجه من إحساسه بالوحشة، سألته مراراً عما يقلقه، قال لها شيئاً هنا وشيئاً هناك. صدقته هنا ولم تصدقه هناك. أخفت قلقها عليه أحياناً وسكتت عنه أحياناً أخرى. يعرف أنها تخشى عليه من ن...
قراءة الكل
"أخذ نفساً عميقاً. منذ مدة لم يستمع للموسيقى. أدخلته الأحداث من حوله في دوامة، وجعلته عازفاً عن كل شيء. سلافة أحست بكل ما يدور في ذهنه. حاولت كثيراً أن تخرجه من إحساسه بالوحشة، سألته مراراً عما يقلقه، قال لها شيئاً هنا وشيئاً هناك. صدقته هنا ولم تصدقه هناك. أخفت قلقها عليه أحياناً وسكتت عنه أحياناً أخرى. يعرف أنها تخشى عليه من نفسه ومن إحساس الكآبة الذي ينتابه ويعرف أنها تخاف على صحته من وقع ما يجري حوله. تظل تهمس " قلبك ياحبيبي ". أحياناً يريحه هذا الشعور ويشعره أنه مهم وأحياناً يتعبه ويشعره بثقل عبء صحته عليها وعلى سعد ومروان. لكن ما لا تعرفه سلافة أن أكثر ما يتعبه هو هذا الصمت الذي فرضه على نفسه بشكل أو بآخر فهو يريد أن يقول الكثير لكنه لا يدري من أين يبدأ، و يريد أن يحكي للعالم بأسره قصته ولكن لا يحسن روايتها، يريد أن يكشف حكايته الذي أراد أن يكون فلسطينياً بمعنى الكلمة وأراده الآخرون مجرد شريك في تجارة...سلافة تعرف كيف تكتب حكايته وتروي كل التفاصيل. لعلها تبدأ برحلة غزة وماذا حدث خلالها ثم تدور حول أحداث لندن، عبد المنعم صبري الكازينو، حسين ولميعه، طاهر وهيفاء، لعلها ستحكي حكاية آية الحقيقية فهي لا شك تعرف الكثير وهي تدون كل الحكايات في دفترها، تدون كل ما تعرفه، كل ما تراه وكل ما تشعر به" . وهكذا إستطاعت الروائية سلافة ومن خلال سرد قصة مسعود وقصة مشروعه الذي كان حلم حياته...وحكت عن كل من إلتقى بهم...وعن غزة...وعن آية...البنت الحلوة التي تبحث عن حلم ملون، وعن حسين العصامي ولميعة التي تمدّ جذورها عميقاً كشجر الزيتون...وحكت عن رام الله وعكا وطبريا...تستحضر الروحانية ذلك من خلال مسعود الذي وفي لحظة إنكفاء بدء حلم حياته ومن خلال حكايات آخرين وكأنها بذلك تستحضر معاناة وآلام الجالية الفلسطينية في المنفى.