للصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة والقوى الباطنة، وحميتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة التي إذا استولت عليها أفسدتها، واستفراغ المواد الرديئة المانعة لها من صحتها، فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها، ويعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشهوات، فهو من أكبر العون على التقوى، كما قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَ...
قراءة الكل
للصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة والقوى الباطنة، وحميتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة التي إذا استولت عليها أفسدتها، واستفراغ المواد الرديئة المانعة لها من صحتها، فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها، ويعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشهوات، فهو من أكبر العون على التقوى، كما قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 183 - 185]. والمقصود: أن مصالح الصوم لما كانت مشهودة بالعقول السليمة والفطر المستقيمة، شرعه الله لعباده رحمة بهم، وإحسانًا إليهم وحمية لهم وجنة. إن الصيام مدرسة عظيمة، يتعلم فيها المسلم كيف يعود نفسه على خصال الخير التي يحبها الله عز وجل ويرضاها. ويعود لسانه: أن يكف ويمتنع عن قول الزور، والفحش من القول، وأن يُلجمه عن الغيبة والنميمة إلِجامًا، وأن يُرطب لسانه أثناء صومه بذكر الله تعالى وقراءة القرآن الكريم، وأن ينطق بالمعروف دائمًا، وإن سابه أحدٌ أو خاصمه أو قاتله لا يرد السيئة بمثلها، بل يقول: "إني امْرُؤٌ صَائِمٌ". إننا نحتاج حقيقة إلى هذه المدرسة كل عام، نجدد إيماننا، ونطهر نفوسنا، وننقي أبداننا، ونتقرب من الله عز وجل، فلله الحمد في الأولى والأخرة على شرعه الحكيم وكتابه المنير. ولقد جمع الكاتب في هذه الرسالة جملة من السنن والآداب التي يحتاجها الصائم في شهر رمضان وفي غيره من الأيام المباركات، حيث اعتمد على كثيرٍ من كتب علماء الإسلام - رحمهم الله تعالى - وعفا عنا وعنهم في بيان مستحبات الصوم وسننه ومكروهاته ومبطلاته وأهم الأعمال التي يرجى بها قبول الله عز وجل في هذا الشهر الكريم.