"ساطع نور الدين" ممن يؤمنون بنظرية أن الصحيفة تقرأ بدءاً بصفحتها الأخيرة، أي الصفحة الأبعد عن السياسة بمعناها المباشر والسمح والمحبط غالباً والأكثر غنى بما يمتع الناس من أخبار الكشوف العلمية والطبية وعروض الأزياء وحماية التراث الإنساني آثاراً تشهد على الحضارات القديمة فضلاً عن الطرائف المجمعة من أربع رياح الأرض.على هذا فقد اختار...
قراءة الكل
"ساطع نور الدين" ممن يؤمنون بنظرية أن الصحيفة تقرأ بدءاً بصفحتها الأخيرة، أي الصفحة الأبعد عن السياسة بمعناها المباشر والسمح والمحبط غالباً والأكثر غنى بما يمتع الناس من أخبار الكشوف العلمية والطبية وعروض الأزياء وحماية التراث الإنساني آثاراً تشهد على الحضارات القديمة فضلاً عن الطرائف المجمعة من أربع رياح الأرض.على هذا فقد اختار لزاويته اليومية العمود الأخير من الصفحة الأخيرة. لتكون "محطته الأخيرة" التعويض المجزي، أو المكافأة السخية للقارئ الذي يستهل نهاره بما يفتح الشهية للحياة لا بما يحبط الناس أو يدفعهم إلى اليأس من أخبار التردي السياسي أو ابتعاد القيادات عن شعوبها، أو تحكم "إمبراطور الكون" بالمخلوقات جميعاً وبالدول والشعوب والأوطان والبحار والمحيطات واللقاءات جميعاً. ولقد وسع ساطع مياهه الإقليمية داخل زاويته المحدودة الكلمات فجعلها جامعة-مانعة قد تتناول سلوك الناس من أولاد البلد ومجافاتهم للحضارة، وقد تطرق إلى مواقف القوى السياسية بالنقد والاعتراض؛ أو قد تمتد إلى الجوار القريب بالملاحظة كما قد تعرض بعض الشؤون الدولية من خلال مسلك بعض الشخصيات أو القيادات الحاكمة، لا سيما المستفزّة منها سواء بالغباء أو بحدة العداء أو المفارقة الطريفة.يوماً بعد يوم كان ساطع نور الدين يكتشف الكاتب في نفسه وبصوغ أسلوبه المميز، فإذا روحه الساخرة تطل عبر كلماته المحددة جداً، وإذا به يبني جمهوره الخاص الذي يتوقع منه يومياً أن يعرض له، بالقليل من الكلمات، الكثير من الآراء التي التقطها من قراءاته أو استوقفته وهو يتابع الأخبار والتصريحات للمسؤولين عن سياسات الدول وعن قمع الشعوب وعن إدامة دوران الأرض حول الشمس. هذا الكتاب يقدم زبدة ما أنتجه هذا القلم الذي لا تحجب ثقافته طرفته، ولا يحجب ميله إلى السخرية جديته في اكتشاف وإعادة اكتشاف أسرار الحياة كل يوم ليستوثق من أنه كان دائماً على حقّ.