"الحلم المزدوج" رواية تصورّ الصراع النفسي الداخلي الذي يعانيه بطل القصة "صارم" وهو يعيش في المنفى بعيدا عن وطنه وأهله وعائلته ويكابد شتى أصناف اللوعة والكآبة في وحدته القاتلة. وفيها ترسم لنا الروائية "دينا سليم" صورة إنسان يعيش مأساته الخاصة بعد أن كان شابا في مقتبل العمر واقتيد آنذاك إلى الجندية ليحارب ويشارك في حرب هو ليس مؤمن...
قراءة الكل
"الحلم المزدوج" رواية تصورّ الصراع النفسي الداخلي الذي يعانيه بطل القصة "صارم" وهو يعيش في المنفى بعيدا عن وطنه وأهله وعائلته ويكابد شتى أصناف اللوعة والكآبة في وحدته القاتلة. وفيها ترسم لنا الروائية "دينا سليم" صورة إنسان يعيش مأساته الخاصة بعد أن كان شابا في مقتبل العمر واقتيد آنذاك إلى الجندية ليحارب ويشارك في حرب هو ليس مؤمناً بها فيعتبر نفسه ضحية ، وقد لوحق واعتقل في مسار حياته الحافل بالأحداث الشخصية خاصة حيث تجلت شاعريته في غمار هذه الأحداث محاولاً أن يجسدها ممارسةً وتطبيقاً على ضفاف النهرين في بلاد الرافدين العريقة بحضارتها وجمالها الطبيعي. وتركز الكاتبة على طفولة "صارم" في مشاهد استرجاعية متعددة في الرواية وتلمّح إلى علاقة البطل مع أمه باعتبارها ملاذاً له في طفولته قد افتقده في غربته ولا يجد له تعويضا عن هذا الحرمان إلا في حبه ل"شموس" محبوبته ومعشوقة خياله، وهذا ما يظهر في نهاية الرواية بعد عودته إلى وطنه (العراق) والى ابنتيه هناكَ بعد حرب أمريكا على العراق والإطاحة بالنظام القائم، حيثُ شكلت له "شموس" محوراً جوهرياً في ذاكرة وحياة "صارم" وحينما تفترق عنه يشعر وكأن شمسه قد أفلت وغابت عن كيانه على الصعيدين العاطفي والنفسي. لقد اختار"صارم" الحياة بعودته إلى الوطن والى ابنتيه ليجسد الحقيقة بأن الموت أضعف من الحب كما قال "جبران خليل جبران" فلقد تعرض البطل إلى شتى ألوان القهر والعذاب وهرب من الموت مع أنّ الحياة لا تقوى على تحدي الموت، ولكن الحب كان عزاء لهُ تغلب بواسطته على بذور الموت التي كانت تتناثر في ارض شقائه وبؤسه وهكذا ومن خلال سطور رواية "الحلم المزدوج" يتضح لنا أن الكاتبة تريد أن تؤكد بأن المرأة تبقى بوصلة الرجل في هدايته إلى مرفأ الحب والطمأنينة والاستقرار والأمان في كل زمان ومكان فالمرأة الحبيبة بكافة أدوارها هي زهرة الأرض والوطن في حياة "صارم" حيث تتجسد بأنوثتها حلم الرجل في بلورةِ وترشيد طاقته وأفكاره في الحياة الإنسانية مهما واجه من صعوبات ومشقات وآلام، فان فُقدت اختل توازنه وتاه في خضم الأحداث في حين يبقى الوطن حضن الأم الدافئ لهُ الذي لا يستغني عنهُ الأبناء الأوفياء مهما كانت المحنة قاسية. الروائية (دينا سليم) أبدعت في انتقاء الفكرة المركزية (العزلة والغربة) واختيار الحبكة (الألم والقسوة) وبتجسيد الحدث ( الظلم والاستبداد) وجميع ما ذكر يمكنه أن يكون وحدة متكاملة مكملة، لا يستطيع القارئ التغاضي عن السرد المقنع الذي بسببه ذرفت الدموع خاصة القارئ الذي وجد نفسه متعاطفا مع الحدث، فالاسترسال الممتع الذي سبب ملاحقة ولهاثا أجهد القارئ إجهاداً إيجابياً فقلمها سيال وأفكارها المقنعة التي تتجلى بالتطلع نحو الحرية والعيش بأمان على الكرة الأرضية وتحديدا الذين يعيشون تحت وطأة القمع الديكتاتوري ومصادرة الحريات فبمخيلتها الرائعة استطاعت توصيل الصوت الإنساني إلى كل من يبحث عن مستقبل خال من البؤس، العزلة والحرمان .
