"إنها متعة كبيرة يحس بها دائماً من يقرأ كتاباً يجمع بين المعارف العلمية الراسخة وشؤون القلب. ومما ينتج عن التحليل العلمي أنه يطمئن إذ يعطي الأسس اللازمة للعمل، ويسمح باكتساب فكر منظم، ويحدد نقاط الآفاق المفيدة.وقد استطاعت دانيالا لابورت أن تحقق هذا المزيج القيم بين النصوص التي جمعتها في هذا الكتاب. فتشدنا كل فقرة من فقراته مباشر...
قراءة الكل
"إنها متعة كبيرة يحس بها دائماً من يقرأ كتاباً يجمع بين المعارف العلمية الراسخة وشؤون القلب. ومما ينتج عن التحليل العلمي أنه يطمئن إذ يعطي الأسس اللازمة للعمل، ويسمح باكتساب فكر منظم، ويحدد نقاط الآفاق المفيدة.وقد استطاعت دانيالا لابورت أن تحقق هذا المزيج القيم بين النصوص التي جمعتها في هذا الكتاب. فتشدنا كل فقرة من فقراته مباشرة إلى تجربة الأبوة والأمومة، وتجربة البنوة التي عشنا تفاصيلها عندما كنا صغاراً، قبل أن نصبح آباء وأمهات.وهي تضع علينا مباشرة وفي مرة واحدة السؤال الرهيب: هل الأبوة مهنة؟ وترد على هذا السؤال ببساطة، بدون أن تخفي عنا ثقل المسؤولية: ""إنها رغبة غامضة في نفوسنا لأن جسدنا قد خلق ليهب الحياة"". وبقدر ما تستند على مغامرتها الشخصية وقد يكون ذلك أقوى بكثير من استنادها على المعرفة، الحاضرة مع ذلك بقوة، بقدر ما تجرنا معها عبر الصفحات إلى أسئلة لا مناص من سماعها حول وظيفة الأبوة.لم كل هذا الخوف من التأديب مع علمنا بقيمة الحدود؟كيف يمكن التصالح مع الماضي دون أن نشوهه تضخيماً أو دون أن ننفيه؟هل نعرف كيف نخلق الطمأنينة وأن نستبقي المسافة الكافية لكي لا يرزح طفلنا، الذي هو من دمنا ولحمنا، تحت عبء رغباتنا التي لا تعرف الشبع أبداً؟هل نستطيع قبول الآخر الذي يصبح مختلفاً عنا ننتظره منه، مع معرفة ما يتناسب منها مع احتياجات نموه؟ماذا نستطيع أن نقول عندما نتحول من والدين، لا حد لقدرتهما، إلى مخلوقات هشة، طريحة فراش المرض؟هل نعرف كيف نتدبر خلافاتنا الزوجية، بعد تجاوزنا لأسطورة الأسرة المثالية، لكي نسمح لها بأن تصبح من عوامل التغيير؟وعندما يفرض القدر علينا الانفصال، كيف نحققه بدون تحطيم الآخرين وتفريقهم؟كيف نستطيع، سواء كنا أبوين حقيقيين أو حاضنين، صنع جذور البنوة الدائمة؟وقد طرحت جميع هذه المواضيع الساخنة ببساطة ودقة، ثم دعتنا المؤلفة، بعد قلب مناظر المشكلة، إلى أن نضع أنفسنا في موضع الطفل نفسه، الذي يواجه مشاكله الخاصة.كيف تجد مكانك في الترتيب العائلي وتتخلص من ثقل المنافسة؟كيف تجد مكانك الصحيح في لقاءات الصداقات والود الأولى مع الرفاق والرفيقات؟كيف يمكن التعامل مع الجراح والتسلخات التي تنتج من اختراق نفق اليوم الأول أو عهد المراهقة؟كيف يمكن أن نربح في يانصيب السعادة طالما كان تجنب الوطأة أمر غير ممكن، وطالما كانت الفروق في المواهب موجودة، وطالما أن سعادة الطفولة بقيت خرافة؟وقد كانت الإجابات على هذه الأسئلة مثيرة للشعور، ونحسّ أن دانيالا قد حصلت على الكثير مما أسرّ لها هؤلاء الذين كانت تساعدهم يومياً في عيادتها، كما حصلت على أفكارهم وأهوائهم."