وفي التاريخ القريب رأينا كيف انهارت الآيديولوجية االماركسية وما أقامته من أنظمة اجتماعية أو سياسية واقتصادية حتى في اهم وأكبر معاقلها كروسيا والصين وغيرها من دول المعسكر الاشتراكي السابق بسبب أنها نظم كانت قائمة على القهر لا الرضا والقبول من عامة الناس .نبذة النيل والفرات:من الجلي ما لهذه المباحث من أهمية بالغة، إذ باتت تمثل أهم...
قراءة الكل
وفي التاريخ القريب رأينا كيف انهارت الآيديولوجية االماركسية وما أقامته من أنظمة اجتماعية أو سياسية واقتصادية حتى في اهم وأكبر معاقلها كروسيا والصين وغيرها من دول المعسكر الاشتراكي السابق بسبب أنها نظم كانت قائمة على القهر لا الرضا والقبول من عامة الناس .نبذة النيل والفرات:من الجلي ما لهذه المباحث من أهمية بالغة، إذ باتت تمثل أهم مسائل الجدل الديني المتداول بين أقطاب الاتجاهات الفلسفية المختلفة، وعليها تدور رحى "الكلام المعاصر"، سواء في الغرب أم المشرق الإسلامي من أقصى غربه إلى أدنى شرقه.وترجع أهمية مناقشة مثل هذه الجدليات الراهنة إلى تأثيراتها البالغة في الأوساط المثقفة وما قد تحدثه من بلبلة فكرية عند بعض فئات الشباب المسلم، في الوقت الذي نرى فيه أن المسائل الكلامية التقليدية، من قبيل الكلام حول معاني الأسماء والصفات والأفعال الإلهية أو مسائل القضاء والقدر والجبر والتفويض والثواب والعقاب والموت والبرزخ والبعث والجنة والنار، لم يعد للكلام فيها بريقه التاريخي السابق الذي كان سبباً في تعدد الاتجاهات والمذاهب وتشكل الطوائف الإسلامية المعروفة. ويمكن لمثل هذه المسائل الكلامية المعاصرة، أن تعيد تشكيل وتصنيف اصطفافات دينية جديدة على الساحة الإسلامية. وبهذا فإننا نواجه تحولات فكرية وسلوكية غير عادية، على امتداد الساحة الإسلامية إذا ما ترسخت فيها هذه النظريات الجديدة في منحى التفكير الديني.لأجل تحرير محل النزاع كما يقال يتناول المبحث الأول في هذه الدراسة تحديد معنى هذا التسامح المبحوث عنه في اللغة وفي الاصطلاح وهو التساؤل الرئيسي الذي يقفز إلى الذهن عند إطلاق هذه اللفظة. ومحور آخر هام يمثل تساؤلاً كبيراً آخر سنجيب عنه إن شاء الله حول موقف القرآن والسنة من ذلك التسامح الديني المدعى في الاصطلاح الكلامي الحديث، وهل أن قوله تعالى: "لا إكراه في الدين" ينطبق فعلاً على ذلك التسامح؟وأما الفصول الأخرى في هذا البحث فهو تتكفل بالإجابة على الأسئلة التي تتفرع عن ذلك السؤال الرئيسي. من قبيل التساؤل عن المنشأ والمهد الذي نبعت فيه مقولة التسامح الديني (بالمعنى المبحوث عنه) وما هي البيئة الفكرية والاجتماعية التي تشأت فيه هذه الفكرة وانطلقت، وما هي الجذور والمنابع الفكرية التي ساعدت على ذلك؟وفي بعض فصول البحث تم مناقشة أفكار بعض الكتاب المسلمين الذين تبنوا التبشير بمثل هذه الفكرة وأخواتها من قبيل التعددية الدينية وتعدد القراءات وما إلى ذلك..أما عن مراحل البحث لهذه الدراسة، فقد قسم البحث فيها إلى أربعة فصول رئيسية: الفصل الأول منها يحتوي على مباحث تمهيدية، تهيئ القارئ لما سيطالعه في الفصول الأخرى، ويتألف من ثلاثة مباحث للتعريف اللغوي والاصطلاحي لموضوع البحث الرئيسي (التسامح الديني)، وحقيقة الموقف القرآني من هذا الموضوع ثم موقف العقلانية منه. ويسبق ذلك مدخل نبين فيه البيئة الفكرية التي استوجبت طرح مثل هذا الموضوع.وأما الفصل الثاني فهو بحث مقارن، تحدث عن منابع التسامح الديني في الفكر الغربي ثم في مصادر التشريع الإسلامي من كتاب وسنة، وقد قسم فيه البحث إلى قسمين، كل قسم منهما في عدة مباحث. الفصل الثالث كذلك يقع في عدة مباحث ومثله الرابع أيضاً، وهما يمثلان مباحث تطبيقية وعرض لمصاديق التسامح الإسلامي في شؤون مختلفة.