بين دفتي هذا الكتاب "روايتان قصيرتان"، أولهما رواية "سفر الطفولة" التي تمثل محاولة للوصول الي مناطق أبعد غورا في ارض بعيدة، هي أرض الطفولة حيث لا معول للكاتب ليضرب فيها سوي معول الذاكرة، بحثا عن نقاط ضوء تضىء غياب اللحظات.و كضربات الالهام المفاجئة الكاشفة،ترصد تجارب حياتية، ثم يتم معالجتها فنيا، تعمل الكتابة هنا علي انتظامها داخ...
قراءة الكل
بين دفتي هذا الكتاب "روايتان قصيرتان"، أولهما رواية "سفر الطفولة" التي تمثل محاولة للوصول الي مناطق أبعد غورا في ارض بعيدة، هي أرض الطفولة حيث لا معول للكاتب ليضرب فيها سوي معول الذاكرة، بحثا عن نقاط ضوء تضىء غياب اللحظات.و كضربات الالهام المفاجئة الكاشفة،ترصد تجارب حياتية، ثم يتم معالجتها فنيا، تعمل الكتابة هنا علي انتظامها داخل بناء واحد.انها تجربة - وما أعظم ان تظل كل كتابة تجربة وأن يبقي كل جهد محاولة لعرض أسئلة باقية أبدا- فما البراءة؟، وما العلم؟، ما الجهل؟، ما الحرب؟، ما الحب؟، ما الجنس؟، ما الالم؟، انها اذن تستلهم روعة السؤال ، وما أروع أ، تظل الاسئلة بلا اجابات.أما الرواية الثانية، التي تتجاور مع الاولي في ذات الكتاب، "نصري والحمار" فانها تمثل عملا قوامه العلاقة بين الانسان والحيوان، علاقة أساسها البساطة ولكنها بساطة نخفي تحتها عمقا وثراء، يقدمها الكاتب فيما يشبه الكوميديا أو التعلق بأطراف الضحك. هي رواية نسجت خيوطها بحرص وحنكة، ياخذ الناسج من روح اللحظة خيطا وخيطا اخر ليعطي اللحظة التي تلي، فيعلو بها الي فضاء من الدهشة والفرح الشجي.هنا ساحة كبيرة لاسئلة وجودية ضخمة تتعلق بالحب والكراهية، والبراءة والدهاء، والطفولة والحماقة،والجراءة والاصرار، واخيرالوفاء الضخم الذي قدمه (الحمار تمام). انها أقرب الي معزوفة او لحن منها للكتابة.وأخيرا، ان العملين معا يقدمان معادلة فريدة قوامها الفرح والحزن، السرور والالم معا، في ائتلاف غير مسبوق، لان ما يثير الضحك هنا هو نفسه وفي ذات اللحظة ما يدفع للبكاء.