يهدف هذا الكتاب أساساً إلى شرح المشاكل التي واجهت الإدارة البريطانية في إدارة السودان منذ 1919، والطرق التي لجأ إليها في التعاون مع بعض أهالي البلاد بمساعداتها في تسيير دفة شؤون الحكم ومحاربة كل المعارضين والمناضلين في سبيل تحرير البلاد من ربقة الاستعمار. ورغم أن الدكتور "جعفر" استطاع أن يعالج موضوع بحثه بالنسبة لمدى تعاون الأها...
قراءة الكل
يهدف هذا الكتاب أساساً إلى شرح المشاكل التي واجهت الإدارة البريطانية في إدارة السودان منذ 1919، والطرق التي لجأ إليها في التعاون مع بعض أهالي البلاد بمساعداتها في تسيير دفة شؤون الحكم ومحاربة كل المعارضين والمناضلين في سبيل تحرير البلاد من ربقة الاستعمار. ورغم أن الدكتور "جعفر" استطاع أن يعالج موضوع بحثه بالنسبة لمدى تعاون الأهالي مع إدارة الحكم الثنائي علاجاً خاصاً محدداً في الاعتبار الأول أنه كان لا بد له من معالجة الأوضاع السائدة بأسرها، من خلال تلك الفترة، ولذلك لا يعتبر هنا الكاتب مرجعاً للموضوع محل البحث فحسب، بل مرجعاً عاماً في تاريخ السودان الحديث، ولعل أهم ما يمتاز به هذا الكتاب هو أنه لم يتضمن وقائع التاريخ عن طريق السرد أو الاكتفاء ويذكر تفاصيلها أو حشوها بالأساطير الخرافية، أو البطولات الشخصية أو النظرات الفردية، بل تضحين عرضاً للتاريخ على أسر موضوعية ووفق منهج التحليل العلمي المادي، في وضوح تام لرؤية الوقائع، وفي دقة وصدق وحماس وأصالة وأمانة علمية. ولعل ما ساعد المؤلف على ذلك، إتاحة الفرصة لديه للإطلاع على الوثائق السرية بدار الوثائق المركزية بالخرطوم، وممارسته للعمل الإداري في شتى المديريات، ولذلك جمع الكتاب بين دفتيه معلومات غزيرة كبيرة وتحليلاً دقيقاً عميقاً أصيلاً داعياً لها مما يدل على معاناة المؤلف للمشاكل معاناة الدارس المثقف العامل المهموم بها طوال حياته.