نبذة النيل والفرات:وإذ تتسارع حركة الاستقطاب من قبل أوساط الحال في الوطن العربي منذ ربع قرن، فإن القرارين السياسي والاقتصادي باتا محصورين في أيدي أفراد قليلين فقد ساعد في ذلك تدمير الطبقة الوسطى وتدني قيمة العمل الشريف لصالح الثراء السريع والانتهازي، ونتج عنه فقدان سلسة القيم الاجتماعية لكل ما تضمنته من شرف وقناعة ومنافسة للارتق...
قراءة الكل
نبذة النيل والفرات:وإذ تتسارع حركة الاستقطاب من قبل أوساط الحال في الوطن العربي منذ ربع قرن، فإن القرارين السياسي والاقتصادي باتا محصورين في أيدي أفراد قليلين فقد ساعد في ذلك تدمير الطبقة الوسطى وتدني قيمة العمل الشريف لصالح الثراء السريع والانتهازي، ونتج عنه فقدان سلسة القيم الاجتماعية لكل ما تضمنته من شرف وقناعة ومنافسة للارتقاء بالفرد والمجموع، وأخيراً وليس آخراً فإن سقوط الطبقة الوسطى قد أدى إلى انحدار لا مثيل له بالثقافة ومؤسساتها وآفاقها وروحها المتسامحة.ولقد تنبه كثير من رجال النهضة إلى حاجاتنا الملحة تلك، فكتبوا كثيراً، لكن استيعابنا كان أقل بكثير مما كتبوا وربما لم يرق ما كتبوه في هذا المجال أو ذاك لأولي الأمر من أصحاب التيارات الفكرية المسيطرة، ففقدت بسبب الاختلاف حول تقييمه الإفادة من الموضوعية والتعليمية اللتين جاء عليها. من هنا فقد اهتمت الدراسة بالكشف عن الرؤى التي قدمها بعض المفكرين من رجال النهضة وهم مبارك والأفغاني وعبده بن وبن نبي للتخلص من هذه المآزق مجتمعة، بغية استشفاف الحلول من الداخل أولاً والتأكيد على أن جهوداً حثيثة بذلت على مستوى الفلسفة الاقتصادية والفكرية تفنيداً للادعاءات التي تصدر خطأ افتقارنا إلى ملامح علم اقتصادي يحقق العدالة الاجتماعية ويراعي الخصوصية العربية في حركتها على مساحة الحاضر والماضي والمستقبل.ومنهج الباحثة كلي وشمولي وما تجزئته عبر كتاب أربعة إلا محاولة منها تحقيق التكامل الفعلي والحقيقي بين كل الآراء وكل الجهود، ولا يضير البحث عدم التوحيد بين موضوعات الأعلام الأربعة، وإنما يساهم في التمثيل الصحيح والمتوازن لبعض الآراء خاصة وأنهم جميعاً اشترطوا لنجاح المحاولات التصدي للقضايا في جوهرها ولبها لا في القشور، وكما دعا كل واحد منهم للتسامح والديمقراطية أساساً لحياة حضارية كريمة.لذا فقد جاء الكتاب منطوياً على مجموعة متراصة من البحوث في الفكر الاقتصادي عند مفكري عصر النهضة، كما يثير موضوعه إشكاليات عديدة ويرد على أسئلة ما تزال مطروحة مقلقة تتناول طرائقنا في البحث وتعريف المصطلحات (المفاهيم) وتحديد الرؤية العامة. بالإضافة إلى ذلك فإن الفكر الاقتصادي الذي تناوله هذا الكتاب يشكل الخطط المطروحة بغاية تطوير الفرد والأمة. والقطاع الاقتصادي المدروس هو الذي يضم النظريات والأفكار والتحليل الدامية إلى التحسين العام: تطوير تحديث، إصلاح حدثه تعريب، أوربة، تمدين.