الكتاب هو في الأصل أطروحة دكتوراه دولة في الآداب العربيّة، ويهدف كاتبه، إلى «المساهمة في مجاراة الآداب الغربيّة حيث يرافق النقد الحديث التيّارات الثقافيّة وقد امتلأت بجوانب من العلوم الإنسانيّة التي حلّت محلّ الإنسانيّات القديمة، كما يهدف إلى إثبات أنّ النقد النفسيّ قد يكون الأكثر ملاءمة لموضوع معيّن، وأنّه لا يناقض مسار النقد ا...
قراءة الكل
الكتاب هو في الأصل أطروحة دكتوراه دولة في الآداب العربيّة، ويهدف كاتبه، إلى «المساهمة في مجاراة الآداب الغربيّة حيث يرافق النقد الحديث التيّارات الثقافيّة وقد امتلأت بجوانب من العلوم الإنسانيّة التي حلّت محلّ الإنسانيّات القديمة، كما يهدف إلى إثبات أنّ النقد النفسيّ قد يكون الأكثر ملاءمة لموضوع معيّن، وأنّه لا يناقض مسار النقد الكلاسيكيّ، بل يطوِّره، ويقرِّب إلى الفهم المادّة الأدبيّة التي تكون بدورها قد أشبعت من الإنسانيّات.ويعرض المؤلِّف في مدخل الدراسة نظريّات فرويد والمنشقّين كأدلر ويونغ ورانك. ويستعرض صعوبات النقد التحليليّ للأعمال الأدبيّة. ويتساءل عن أهمّيّة حياة الأديب، وهل يجوز المرور منها إلى أدبه وبالعكس؟ وهل ينبغي أن ينصبّ النقد التحليليّ على الأدب أم على الأديب. ويتساءل عن دور النقد التحليليّ المقتصر على العوارض المرضيّة، وكيف تطوّرت مفاهيمه حتّى غدا يهتمّ بالظاهرة الجماليّة، ويستعرض المؤلِّف القراءات النفسيّة التحليليّة المختلفة، وينتقي معايير منهجيّة عامّة، أهمّها اعتماد «البعد الكافي» عن النصّ، وهو مرحلة قريبة من الانتباه اللاهي لعالم النفس.يشير المؤلِّف في الفصل الأوّل إلى أهمّ التيّارات الروائيّة بمصر إبّان القرن العشرين، وأهمّها الجدليّة الثقافيّة بين الشرق والغرب، ودور تيمور من كلّ تلك التيّارات.ويفرد الفصل الثاني لعلاقة الأديب بأسرته في ميدان الأدب. ويعوِّل على مفاهيم الأدب المقارن في دراسة التأثيرات والموضوعات حين يبيِّن أنّ تيمور يناقض أباه أحمد الذي يمثِّل التيّار التقليديّ، متماهيًا بآباء معنويّين غربيّين من أمثال موباسان، وتشيخوف، ومانسفيلد، وهوغو، وغيرهم، وذلك من أجل إثبات الشخصيّة القوميّة.ثمّ ببحث تمكّن الأديب من علم النفس وعلم النفس التحليليّ، وفهمه للإبداع الأدبيّ وقيمة الأسفار والصحّة والمرض. ويشير إلى أبوّته للرواية العربيّة من حيث وضع الأسس المنهجيّة للكتابة القصصيّة وقواعد تذوّقها. وينصبّ على تفهّم التقنيات القصصيّة التي اعتمدها الأديب، ثمّ يدرس علاقة الولد بوالديه ويستعرض حياة الشخصيّات العاطفيّة ويفرد فصلاً للهامشيّين، ويزخر أدب تيمور بهم. ثمّ يدرس العلاقة بين الأساطير القصصيّة التي يبدعها قلم الأديب وطرق الاستبطان. ويجد أنّ الأديب محلّل ومعالج في آن، مشخِّصًا المرض في غلبة مبدأ اللذّة على مبدأ الواقع، واصفًا العلاج في ملاءمة مبدأ اللذّة لمبدأ الواقع.ومن مزايا الكتاب الدقّة والموضوعيّة والأمانة في استخدام المصطلحات الفنّيّة وقد فسّرها، في الهامش. وقراءته متعدّدة المستويات. فهي ممتعة لذوي الثقافة المتوسّطة ويجد فيها المتأدّبون كلّ الأركان العلميّة والأدوات الأدبيّة التي تلزمهم في بحثهم ودراستهم. وللكتاب حيّز معيَّن لطلاّب الدراسات العليا، فهم واقعون فيه على منهجيّة تفتح أمامهم أبواب تفهُّم الأدب وتذوقة بناء على ثقافة إنسانيّة متينة ما زال يفتقر إليها شرقنا العربيّ.