الحق يخاطب القوة، ورغم ما وقع من عنف تجاهه، إلا أن سعيد ظل وثيق الصلة بمنطقة اهتمامه وذا التزام حثيث بها، وأيضاً برسالته ذات التوجه الإنساني، كما يبرهن على ذلك رفضه الوقوع في شراك السطوة والمال والوصاية، وفي "تمثيلات المثقف" يكتب قائلاً "وجوهرياً، فالمثقف الذي أعنيه لا يسكن الأمور أو يؤسس الإجماعات، بل هو شخص رهن كيانه بحسه النق...
قراءة الكل
الحق يخاطب القوة، ورغم ما وقع من عنف تجاهه، إلا أن سعيد ظل وثيق الصلة بمنطقة اهتمامه وذا التزام حثيث بها، وأيضاً برسالته ذات التوجه الإنساني، كما يبرهن على ذلك رفضه الوقوع في شراك السطوة والمال والوصاية، وفي "تمثيلات المثقف" يكتب قائلاً "وجوهرياً، فالمثقف الذي أعنيه لا يسكن الأمور أو يؤسس الإجماعات، بل هو شخص رهن كيانه بحسه النقدي، حس بكونه على غير استعداد لقبول الصياغات السهلة، أو التنيطات الجاهزة، أو التأكيدات السائغة المتوافقة دائماً مع ما يقوله التقليديون وذوو الشأن، ومع ما يفعلونه، وعدم استعداده هذا ليس سلبياً، لكنه على استعداد لأن يقول هذا بأسلوب علني فاعل"، وقد عاش هو بنبل وفقاً لهذا المعيار خلال نشاطه الطويل كناقد وموهبة مغتربة، وعلاوة على هذا، فإن سعيد يكتب في هذا العالم المتفجر ثقافياً، غير المستقر، أو كما يحلو للأنثروبولوجيين أن ينبهوننا، عالم ممزق ثقافياً أصبحت فيه الأمم المتحدة بعثة الغرب الرحيمة إلى حطام دول فاشلة خلفها الرجل الأبيض وأشعلت فيه القوميات والقبائل الأحقاد القديمة، عالم أصبحت فيه الولايات المتحدة العم سام الذي لا يمكن تحديه بالنسبة للعالم الذي يعمل وفقاً لمشيئته، وفي هذا الصدد يعلق توماس ميتشل قائلاً "إن المسرح الإمبريالي الآن هو مشهد السلام الأمريكي الذي يعلم العالم أن يغني في تناغم تام مع ثقافة الشركات الاندماجية الكبيرة، بينما ترسل أمريكا قنابلها الذكية لتطهير مواقع الشغب بعمليات جراحية".مصطفى ماروتشي.