أياً وطني حملتك في فؤادي ولا أدري إلى أين انتهينا، فلا حبي أقالك من عثار ولا قلبي استراح كما ابتغينا، فماذا بعد والأيام تجري تدوس سنابك البلوى كلينا، وحار بك الأساة فما عسانا نقدم للسقيم وما لدينا، لقد أوليت أمرك دون حد لرهط العابثين كما رأينا، سنينا ظل ساحك مستباحاً لهم حتى رزحت أذى وشينا، نريد لك الحياة على ومجداً ومن جحدوك في...
قراءة الكل
أياً وطني حملتك في فؤادي ولا أدري إلى أين انتهينا، فلا حبي أقالك من عثار ولا قلبي استراح كما ابتغينا، فماذا بعد والأيام تجري تدوس سنابك البلوى كلينا، وحار بك الأساة فما عسانا نقدم للسقيم وما لدينا، لقد أوليت أمرك دون حد لرهط العابثين كما رأينا، سنينا ظل ساحك مستباحاً لهم حتى رزحت أذى وشينا، نريد لك الحياة على ومجداً ومن جحدوك في حرب علينا، فما عرفوك إلا أرض نهب وفي أطماعهم معك اكتوينا، أيعقل أن تظل على الليالي سبيتهم ولو نحن ارتضينا، وخان الحظ جولتنا وعادت رياح الشر تهدم ما بنينا، ولم نرق إلى مجد دعانا إلى حلم تفلت من يدينا، ,لم نحم مسارك من جحود ولا قمم الشموخ بك ارتقينا، سيأتي من يكون على يديه إعادة وجهك الصافي إلينا، حماة الدار لا ندري بحال إذا عزموا متى يصلون وأينا؟"."بسيمة فخر الدين فخري" موهوبة مرهفة الإحساس. شاعرة حباها الله تعالى ثقافة ذاتية عالية، ومعرفة دقيقة بكل ما يدور في عالمها ووطنها العربي، مع قدرة نادرة في أداء المعاني التي تعبر عنا يجيش في صدرها. شاعرة تؤمن بكرامة الإنسان، وحقه في الحرية والحياة الكريمة. شاعرة تنفعل بالأحداث التي تمر بوطنها العربي والمخاطر التي تحيق به. يكمن حبه في قلبها ويجري في دمها. إنه الحب الذي يصدر عن عاطفة جياشة، ينساب في يسر وسهولة، وبمعان واضحة مع بساطة في التعبير.إنه الشعر الذي يصل إلى قلب القارئ وفكره هو كما قال نقاد الأدب العربي القدماء: "إن ما يخرج من القلب يصل إلى القلب".إن لبسيمة فخري في شعرها أسلوباً تميزت به عن شعراء العصر المحدثين. فقد أبدعت في كل فن من فنون الشعر وأغراضه، فكان شعراً متميزاً من حيث شكل القصيدة وموضوعها. فإن بسيمة بما وهبها الله تعالى من شاعرية مرهفة وقدرة فطرية على نظم الشعر فجاء شعرها محافظاً على شكل القصيدة العربية الموروث ذات الوزن والجرس الموسيقي مع بساطة التعبير وسهولة في اللفظ الذي وصفه النقاد العرب بالسهل الممتنع.أما من حيث الموضوع، وما طرقته من أغراض الشعر كالفخر بأرومتها وعروبتها، والرثاء الصادق لكل عزيز رحل إلى الآخرة. وكان لها الباع الطويل في المدح الذي خصت به كل من هو جدير به من أحرار أبناء العروبة وثوارها: كالزعيم جمال عبد الناصر.كما جاء شعرها في الغزل رقيقاً حلو الألفاظ عف المعاني. لقد كان شعر بسيمة كله متميزاً بالجودة والإحكام والإتقان زينته الألفاظ الرقيقة الواضحة، مع الأحكام في معانيه وتهذيب حواشيه، والعناية الفائقة بجيده والنأي عن رديئة.وبالعودة لمتن هذا الكتاب نجده يضم بين دفتيه مختارات من دواوين بسيمة فخري الثلاث، حيث نقرأ في ديوان أرواق الصبية قصائد جاءت تنضح بالحس الوطني والقومي العالمي، وتتشرب بحب الخير والجمال والحياة والحق والحقيقة، وفي إطار هذا التنوع الغني بمشاعره وقدرته على التعبير، جاءت قصائد الديوان لتكمل بعضها البعض عبر تناغم يعكس صفاء الروح ونقاء الفكر وسمو العواطف وإباء النفس وكرم المحتد.وفي ديوان صحائف عربية، والذي أهدته إلى ذكر والدها فخري الدين فخري نجد قصائد قومية وطنية، أما ديوان "خواطر وأشجان" فتمتد أكثر غنى وتنوعاً وتطوراً. لقد كان الصدق وصفاء السريرة ونبل الروح وأصلة النبع والمسار.كان ذلك كله يشكل قواسم مشتركة تربط بين قصائد الدواوين الثلاثة في كل واحد، يتوهج بأصالة تأبى الانطفاء ما دام هناك شروق شمي وبزوغ قمر.