في خضم الأحداث العظام والحوادث الجلل والتقدم العلمي غير المسبوق الذي شغل مساحات واسعة من تطلعات وآفاق القرن العشرين، فإن لكل حقبة زمنية مميزاتها الخاصة التي تنفرد بها عن غيرها، حيث شهد الربع الأخير من القرن المنصرم بروز تقنيات الهندسة الوراثية والتي رافقت التطورات الكبيرة الأخرى في مجالات علوم الحياة وعلم الأجنة والتي مهدت الطري...
قراءة الكل
في خضم الأحداث العظام والحوادث الجلل والتقدم العلمي غير المسبوق الذي شغل مساحات واسعة من تطلعات وآفاق القرن العشرين، فإن لكل حقبة زمنية مميزاتها الخاصة التي تنفرد بها عن غيرها، حيث شهد الربع الأخير من القرن المنصرم بروز تقنيات الهندسة الوراثية والتي رافقت التطورات الكبيرة الأخرى في مجالات علوم الحياة وعلم الأجنة والتي مهدت الطريق نحو إنتاج حيوانات ونباتات وأحياء مجهرية محورة وراثيا* وتمتلك صفات جديدة لم تكن تمتلكها بالأصل، وكان هذا الاختراق لحاجز النوع انطلاقة كبيرة لمجال جديد من التقنيات المتقدمة تعرف الآن باسم تقنيات هندسة التكاثر، وبعيدا عن إرهاصات الجهل والتقييم غير الموضوعي لحدث اكتسب أبعادا إعلامية وربما بدرجة أكثر مما ينبغي، فإن استنسال النعجة «دوللي» كان طفرة نوعية متقدمة في مجال تقنيات هندسة التكاثر نظرا لأنها اخترقت تابو المحرمات للمرة الثانية منذ المرة الأولى التي تمت على يد «فيساليوس» في عام 1543م، حين بدأ عصر تشريح الجسد الإنساني يصبح مقبولا.إن المخاوف المتزايدة من إمكانية استخدام تقنيات الهندسة الوراثية والاستنسال البايولوجي في هندسة الإنسان وراثيا لها في الواقع أساس قوي من خلال توفر نواقل الاستنسال العملاقة مثل كروموسوم الخميرة الصنعي (YAC) والكروموسوم البشري الصنعي (HAC) القادر على نقل حمولة جينية تقارب(3000) جين دفعة واحدة.ويمكن أن يفسر تلاعب الإنسان بالنظام المتوازن للحياة عن عواقب وخيمة، حيث يمكن لإنسان ما يمتلك مزيجا من النرجسية وحب الذات وجنون العظمة أن يستنسل ذرية من النسائل المتماثلة التي تؤدي إلى اختلاط اجتماعي مربك وفي غاية التعقيد ولكن كل هذه المخاوف قد تزول أمام مفهوم الاستنسال العلاجي الجديد والعلاج الجيني، يتضمن الكتاب ثماني فصول باستناء المقدمة والمصادر ويتضمن الفصل الأول حقائق عن الاستنسال البايولوجي وأوهامه، يتبعه في الفصل الثاني نبذة عن التطور التاريخي لتقنيات هندسة التكاثر منذ القرن التاسع عشر وإلى بدايات القرن الحادي والعشرين، أما التقنيات التحضيرية للتطويع المجهري والاندماج الكهربائي والتقنيات المختلفة لشطر وتصنيف الأجنة فتشكل محتوى الفصل الثالث وسوف نتناول في الفصل الرابع هندسة التحوير الجيني وآفاقها وإنتاج البروتينات العلاجية باستخدام الحيوانات المحورة جينيا كمفاعلات حيوية. أما المحاولات الأولى للاستنسال البايولوجي ابتداء من استنسال الضفادع إلى القرود فقد تم التطرق إليها الفصل الخامس وشمل الفصل السادس شرحا مسهبا وتحليلا لتقنية النقل النووي وهي التقنية الني استخدمت في استنسال النعجة «دوللي» والتي سوف يتم التطرق إليها بإسهاب في الفصل السابع وبعنوان الطريق إلى «دوللي»، أما النواحي الأخلاقية والدينية والفلسفية للاستسال البشري فكانت مادة الفصل الثامن.ونلتمس من القارئ الكريم المعذرة عن أي هفوة غير مقصودة (والكمال لله وحده) وأدعو بإخلاص كافة الأساتذة والزملاء لتقديم ملاحظاتهم القيمة عن لكتاب. ويحدوني الأمل في أن يشكل هذا الكتاب إضافة نوعية إلى المكتبة العربية في مجال متطور من مجالات العلوم المتقدمة.