الفيلسوف الذي أحدثك عنه في هذا الكتاب هو واحد من أعظم الفلاسفة أثرًا في الفكر المعاصر؛ إنَّه الأمريكي ريتشارد رورتي (1931-2007). وأخصُّ ما تمتاز به فلسفة رورتي هو هذا التحوُّل الذي أحدثه في الفلسفة المعاصرة عامة، والبراجماتية خاصة. وأبسط مظاهر هذا التحوُّل أنَّه ثار على التصوُّر التقليدي للفلسفة باعتبارها تلقِّي الأسئلة وتلتمس ل...
قراءة الكل
الفيلسوف الذي أحدثك عنه في هذا الكتاب هو واحد من أعظم الفلاسفة أثرًا في الفكر المعاصر؛ إنَّه الأمريكي ريتشارد رورتي (1931-2007). وأخصُّ ما تمتاز به فلسفة رورتي هو هذا التحوُّل الذي أحدثه في الفلسفة المعاصرة عامة، والبراجماتية خاصة. وأبسط مظاهر هذا التحوُّل أنَّه ثار على التصوُّر التقليدي للفلسفة باعتبارها تلقِّي الأسئلة وتلتمس لها الإجابات الخالدة، وبذلك تكون أساسية لبقية الثقافة. وانظر إليه في ثورته الفلسفية، فإذا هو يُنكر أنَّ العقل مرآة الطبيعة، وأنَّ المعرفة دقة التمثيلات في مرآة العقل، وأنَّ الفلسفة نظرية عامة في التمثيل المعرفي، وإذا هو يطرح السؤال: ما عسى أن تكون الفلسفة؟ وإذا هو يُجيب: إنَّها محادثة تنويرية أو نوع من النقد الثقافى. وما أعرف أن أحدا قرأ الفلسفة الغربية منذ ديكارت قراءة نقدية مثلما فرأها رورتى، وما أعرف أن أحدا خلص الفلسفة المعاصرة الناطقة بالإنجليزية من تزمتها الضيق مثلما فعل رورتى. ولست أعرف فيلسوفا حاول التوفيق بين الفلسفة الأوروبية من جهة، والبراجماتية والتحليلية من جهة أخرى ، كما حاول رورتى.