إلى الحد الذي يتمتع فيه الأمر يكون بذاكرة جماعية لماضيهم، فإنه ليس للدين سوى دور ضئيل بدرجة مذهلة في هذا الماضي. وينعكس هذا النسيان للدين الذي تعاني منه الولايات المتحدة بأسرها، في الأسلوب الذي كتب به الأميركيون فترات تاريخهم. ففي الكتب المقدرة في المدارس العامة يكاد الدين يغيب اللهم إلى في الإشارة إلى البيورتان وبعض المستعمرين ...
قراءة الكل
إلى الحد الذي يتمتع فيه الأمر يكون بذاكرة جماعية لماضيهم، فإنه ليس للدين سوى دور ضئيل بدرجة مذهلة في هذا الماضي. وينعكس هذا النسيان للدين الذي تعاني منه الولايات المتحدة بأسرها، في الأسلوب الذي كتب به الأميركيون فترات تاريخهم. ففي الكتب المقدرة في المدارس العامة يكاد الدين يغيب اللهم إلى في الإشارة إلى البيورتان وبعض المستعمرين الأوائل الآخرين. أما وضع الكتب المقررة في المرحلة الجامعة فليس بأفضل من ذلك إلا بقدر زهيد. إذ يعترف معظمها بوجود بعض الأثر الملموس للدين في العصر الذي انتهى بنهاية الحرب الأهلية (1861-1865).لكن الكتب بعد ذلك تجعل الدين يختفي من محتوياتها للحقبة الحديثة. بيد أن هناك دلائل على ن غالبية الأمريكيين في أواخر القرن العشرين يغمرهم شعور ديني لافت للنظر. إذ عاد للظهور في أواخر عقد الثمانينات من القرن نوع من المسيحية التقليدية إلى حد ما كقوة يعتد بها في الحياة الأمريكية السياسية والثقافية، غير أن كتب التاريخ الأمريكي قصّرت من تهيئة المتعلمين لتوقع هذه التطورات أو تفهمها. ويقول المؤلف، بأنه ولسد هذه الثغرة للأميركيين كبلد أو كأمة، ألف كتابه هذا لدعم كتب المرحلة الجامعية التي درجت على إهمال دور الدين في صياغة شكل أمريكا. وهو لا يهدف بذلك فقط إلى مجرد "تغطية" كل ما له صلة بالدين في التاريخ الأمريكي، بل أن هذا الكتاب مصمم لطلبة مساقات التاريخ الأمريكي، وطلبة التاريخ الديني الأمريكي، وللقارئ العادي المهتم بسبر أغوار القضايا التي تجتذي الاهتمام بكيفية تلاؤم الدين الأمريكي مع الحضارة الأمريكية.لذا يمكن القول بأن ما بين دفتي هذا الكتاب إنما هو بحث تفسيري وسردي يسعى المؤلف من خلاله إلى إيضاح دور الدين في الثقافة الأمريكة. وبدلاً من تركيزه على المؤسسات الدينية والممارسات الدينية، اختار المؤلف تناول موضوعه هذا من باب أوسع، ألا وهو لعلاقة بين ما هو ديني وما هو علماني في التاريخ الأمريكي. ولأن دور الدين في التاريخ الأمريكي مهمل في الأعم الأغلب منذ الحرب الأهلية، لذا رجح المؤلف كفة ذلك الاتجاه وبقدر ما. وذلك بتقديمه نظرة عامة عن البيورتان والقرن السابع عشر وذلك بهدف الحديث بقدر متزايد عن الأبعاد الدينية من الثقافة، تلك الأبعاد التي يغلب تناسيها في كتب التاريخ المعتمدة والمتداولة في الولايات المتحدة.