يتناول هذا الكتاب قضية محورية في علم اللغة المعاصر: عندما يقوم شخص ما باستعمال اللغة، من يكون المتكلّم؟ هل هو الشخص المتكلم مسيطراً سيطرةً تامة على "الأداة" التي يستعملها، وهي اللغة؛ بحيث إنه يفعل بها ما يريد وفق شروطه الخاصة ويشكّلها وفق تصوّراته المسبقة، أم أن اللغة تلعب دوراً أساسياً في عملية التعبير، بحيث تفرض شروطها هي وتتح...
قراءة الكل
يتناول هذا الكتاب قضية محورية في علم اللغة المعاصر: عندما يقوم شخص ما باستعمال اللغة، من يكون المتكلّم؟ هل هو الشخص المتكلم مسيطراً سيطرةً تامة على "الأداة" التي يستعملها، وهي اللغة؛ بحيث إنه يفعل بها ما يريد وفق شروطه الخاصة ويشكّلها وفق تصوّراته المسبقة، أم أن اللغة تلعب دوراً أساسياً في عملية التعبير، بحيث تفرض شروطها هي وتتحول "متكلِّماً" أو لاعباً أساسياً في العملية؟تعوّدت النظريات أن تبني "موضوعها" عن طريق الفصل بين الظواهر "ذات العلاقة" والظواهر "غير ذات العلاقة"، مع استبعاد هذه الأخيرة. والنتيجة أن كل النظريات تترك خارج نطاق الدراسة ما يمكن تسميته بـ"المتبقي". هذا المتبقي هو ذلك الجزء الغريب والفوضوي والخلاق من اللغة الذي نستعمله جميعاً ودائماً. إنه جوهر الشعر والمجاز.يؤكد المؤلف أنه على الرغم من أن هذا الجزء المتبقي أو المُهمل من اللغة لا يمكن دراسته دراسةً شكلانية فإن علينا أن نضعه موضع الاعتبار في كل دراسة للغة. وهو، لذلك، يحاول، وللمرة الأولى، بناء نظريةٍ لرصد وتحليل هذا المتبقي. وهي نظرية تواجه تساؤلات كبرى حول حقيقة المتكلّم: أهو المتكلم ذاته أم اللغة؟ ذلك أن من يتكلّم مقيّد، في استعماله اللغة، بظواهر اجتماعية ونفسية محددة: إنه عنف اللغة.