ولئن كانت هذه المدارس قد اتخذت من الدين الإسلامي مرجعيتها الأساسية وهدفها المنشود فإنها اختلفت في فهمه وقراءة نصوصه، واستخلاص النظريات التربوية منه، مما أدى إلى تمايزها بل وتصارعها في بعض الأحيان حتى قيل:" الفقهاء مجتهدو الإسلام، وعلماء الكلام مجتهدو الإيمان، والصوفية مجتهدو الإحسان" . و مهما يكن من شأن هذا الاختلاف، فإنه كان ـ ...
قراءة الكل
ولئن كانت هذه المدارس قد اتخذت من الدين الإسلامي مرجعيتها الأساسية وهدفها المنشود فإنها اختلفت في فهمه وقراءة نصوصه، واستخلاص النظريات التربوية منه، مما أدى إلى تمايزها بل وتصارعها في بعض الأحيان حتى قيل:" الفقهاء مجتهدو الإسلام، وعلماء الكلام مجتهدو الإيمان، والصوفية مجتهدو الإحسان" . و مهما يكن من شأن هذا الاختلاف، فإنه كان ـ في جوهره ـ تعبيرا عن سعة الدين الإسلامي الذي استوعب ما تولّد عنه من تيارات ومذاهب وتوجّهات ومشارب، ساهمت جميعها في بناء حضارة عربية إسلامية راقيةولاشك أن المدرسة الصوفية قد تميزت بتربيتها الروحية، والتي تجلت بوضوح في ما أبدعه أصحابها من طرق ومناهج مختلفة عما عرفته المدارس الأخرى، حيث " ركزت المدرستان:الفلسفية والكلامية على الفكر والتجريد بينما اشتغلت مدرسة الفقهاء بالأحكام وظاهر العبادات" .ويمكن تحديد مراتب الخطاب التربوي الصوفي في مرتبتين اثنتين: تتمثّل أولاهما في خطاب تربوي عام يتعلق بجمـلة القواعـد الأخلاقية التي يحـتاجها أي مسلم ـ مهما كان مشربه ـ لتحقيق مقامي الإسلام الإيمان.وهذا ما اشتركت فيه المدرسة الصوفية مع المدارس الأخرى. بينما تتمثل الثانية في خطاب تربوي خاص موجه لسالكي طريق التصوف الذين يتشوفون إلى تحقيق مقام الإحسان .وهذا ما تفردت به المدرسة الصوفية عن غيرها.