النبي المسلح" كتاب يتناول حياة تروتسكي ما بين مولده، في عام 1879، وعام 1921. في هذا الكتاب بذل المؤلف دويتشر جهداً لإعادة تكوين تفاصيل السيرة الحقيقية لليون تروتسكي، بعد أن سطا "لصوص المقابر" على ضريحه. يقول في مقدمة كتابه: "وبالنسبة للجيل السوفياتي الحالي ولغيره أيضاً، تشبه حياة تروتسكي واحداً من تلك القبور المصرية القديمة التي...
قراءة الكل
النبي المسلح" كتاب يتناول حياة تروتسكي ما بين مولده، في عام 1879، وعام 1921. في هذا الكتاب بذل المؤلف دويتشر جهداً لإعادة تكوين تفاصيل السيرة الحقيقية لليون تروتسكي، بعد أن سطا "لصوص المقابر" على ضريحه. يقول في مقدمة كتابه: "وبالنسبة للجيل السوفياتي الحالي ولغيره أيضاً، تشبه حياة تروتسكي واحداً من تلك القبور المصرية القديمة التي يعرف الناس أنها ضمت في الماضي جثمان رجل عظيم ورواية منجزاته المحفورة على ألواح من ذهب، إلا أن لصوص مقابل ومخربي آثار عاثوا في الضريح فساداً وتركوه فارغاً وموحشاً إلى درجة أنه لم يعد ثمة أثر واحد للألواح التي كان يتضمنها سابقاً".والسيرة التي نحن بصددها، تطالع القارئ بوجه تروتسكي الحقيقي، مرسوماً بريشة كاتب لم يكن حين كتبها تروتسكياً، ولم تحل الأحداث دون رؤيته للواقع التاريخي على حقيقته حيث بدأت ومن خلال هذه السيرة، علاقة تروتسكي بالثورة هي العلاقة الأكثر بروزاً وعمقاً على امتداد حياته، وهو ما يلمسه القارئ في كل لحظة من لحظات سيرته. وقد لخصت هذا الواقع زوجه الأولى، بعد عشرات السنين من انفصاله عنها. قالت ألكسندرا سوكولوفسكايا، وكانت مناضلة ثورية هي الأخرى، متحدثة عن الشاب الذي لعبت دوراً مهماً في كسبه إلى الماركسية: "لم يقيض لي أن ألتقي يوماً، طيلة عملي النضالي، شخصاً يكن مثله كل ذلك الإخلاص للثورة والتفاني في سبيلها".ويقول مؤلف هذه السيرة إسحق دويتشر بأنه وحين تكون لديه للمرة الأولى، مشروع كتابة ثلاثية سيرية تتناول قادة الثورة الروسية، تبادر إلى ذهنه أن يضم دراسة عن تروتسكي في المنفى، لا سيرة كاملة لتروتسكي، فالسنوات الأخيرة من حياة تروتسكي ونهايته المأساوية كانت تأخذ بتلابيب خياله أكثر مما فعل القسم الأول، والأكثر علانية، من تاريخه.ويضيف إسحق دويتشر قائلاً بأنه توصل بعد التفكير إلى التساؤل إذا كان بإمكان تروتسكي في المنفى أن يكون مفهوماً بشكل كامل إذا لم يجر توضيح ما كان تروتسكي قبل المنفى؟ ويذكر المؤلف بأنه ومن خلال تأمله للوثائق التاريخية والمصادر السيرية التي كان بعضها جديداً بالنسبة له، فهم بصورة أوضح مما قبل، إلى أي حد كانت مأساة السنوات الأخيرة من حياة تروتسكي تمد جذورها في تاريخه السابق، لا بل في بدايات عمله السياسي. لذا قرر تكريس جزأين متمايزين لتروتسكي، دون أن يكون لأحدهما علاقة بالآخر: "النبي المسلح" و"النبي الأعزل" حيث يصف الأول ما يمكن تسميته "صعود" تروتسكي، والثاني "سقوطه".