المقَدِّمَةُالحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ حمْداً كثيراً طيباً مُباركاً يوازِي نعماءَهُ الكثيرةَ وآلاءَهُ الوفيرةَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِهِ الأمينِ ذي النُورِ المبينِ والدَّليلِ المُستبينِ والعزِّ الحصينِ، وعلى آلِهِ الطَّيبينَ الطَّاهرينَ ذَوِي الحسبِ الظَّاهرِ والشَّرفِ الباهرِ، وعلى أصحابِهِ الغُرِّ الميامين حملةِ الكتا...
قراءة الكل
المقَدِّمَةُالحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ حمْداً كثيراً طيباً مُباركاً يوازِي نعماءَهُ الكثيرةَ وآلاءَهُ الوفيرةَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِهِ الأمينِ ذي النُورِ المبينِ والدَّليلِ المُستبينِ والعزِّ الحصينِ، وعلى آلِهِ الطَّيبينَ الطَّاهرينَ ذَوِي الحسبِ الظَّاهرِ والشَّرفِ الباهرِ، وعلى أصحابِهِ الغُرِّ الميامين حملةِ الكتابِ والدِّينِ، ومَنْ تبعَهم بإحسانٍ مِنَ التَّابعينَ وتابعِ التّابعينَ إلى يومِ الدِّينِ، أمَّا بعدُ: فإنَّ قراءةَ كتابِ اللهِ العزيزِ ضبطاً وتحريراً وتلاوتَهُ إتقاناً وتحبيراً والعنايةَ بهِ قولاً وعملاً والانشغالَ فيهِ ذكراً وفكراً هو مِنْ أجلِّ العلومِ علماً وتعلُّماًً وأَعلاها منزلةً وأشرفِها قدراً ؛ إذ عُنِيَ به العلماءُ المحقِّقُونَ والحفَّاظُ المُقرِئونَ، فضبطُوا لفظَهُ وأحكمُوا رسمَهُ، فكانَ نتاجُ ذلك علمَ التَّجويدِ الموصوف بـ ((زينةِ التَّلاوةِ وحليةِ القِراءةِ ))، فوضعُوا قواعدَهُ وبسطُوا مسائلَهُ وأتقنُوا أحكامَهُ.وقد أَلَّفُوا فيه التَّآليفَ وحرصُوا على تقييدِهِ نثراً ونظماً، فنالتِ الإعجابَ والاستحسانَ بينَ العلماءِ والدَّارسينَ قديماً وحديثاً ؛ لِمَا حوتْهُ من دقائقِ هذا العلمِ وتفاصيلِهِ، فكانَ من أبرزِها كتابُ ( الرِّعايةِ في تجويدِ القراءةِ ) للإمامِ مكيّ ابنِ أَبي طالبٍ ( ت 437هـ )، وكتابُ ( التَّحديدِ في الإتقانِ والتَجويدِ ) للإمامِ أبي عمروٍ الدَّانيِّ ( ت 444هـ ).ومن تلك التَّآليفِ المنظومةُ المسمَّاة بـ ( المقدِّمةِ الجزريّةِ ) للعلامةِ المحقِّقِ والفهَّامة المدقِّق محمدٍ ابنِ الجزريِّ ( ت 833هـ )، فقد ضمَّنها المهماتِ في أبوابِ علم التَّجويدِ ومسائلِهِ وأبحاثِهِ، فامتازتْ بدقّةِ أَلفاظِها وسهولةِ حفظِها وحُسنِ نظمِها، فرزقَها اللهُ القبولَ، فاستحسنَها العالمُ قبلَ المتعلمِ والكبيرُ قبلَ الصَّغيرِ منذُ أيامِ النَّاظمِ حتَّى يومِنا هذا. لقد تَسابقَ أئمّةُ القراءةِ والتَّجويدِ في حياةِ مؤلِّفِها وبعدَ وفاتِهِ إلى شرحِها بياناً لأَلفاظِها وتيسيراً لمُشكلِها، فكانتْ شروحُهم مختصرةً ومطوَّلةً عوناً منهم لمتعلمي القرآنِ وأهلِهِ والمشتغلينَ بحفظِهِ وضبطِهِ.ومن جملةِ شرَّاحِها الشَّيخُ القَاضي برهانُ الدِّينِ الخليليُّ الشَّافعيُّ في شرحِهِ الذي سمَّاه ( تحفةَ المريدِ لمقدِّمةِ التَّجويدِ )، فهو شرحٌ نافعٌ وحافلٌ بالفائدةِ، عمدَ فيهِ إلى بيانِها بطريقةٍ سهلةٍ واضحةٍ وتفسيرِها بألفاظٍ يسيرةٍ سلسةٍ من غيرِ اختصارٍ مُخلٍّ ولا إطنابٍ مُملٍّ معَ كثرةِ النَّقلِ والاستيعابِ لأقوالِ المُتقدِّمينَ والمُتأخرينَ من أئمّةِ الفنِّ ومحقِّقيهِ، لا سيَّما ابنُ الجزريِّ.وقدِ انقسمَ عملِي في الكتابِ على قسمينِ، هما:القسمُ الأوَّلُ : وفيهِ الدِّراسةُ، وتطرّقتُ إلى التَّعريفِ بالشَّارحِ والكتابِ، وجعلتُهُ في فصلينِ، هما: الفصلُ الأوَّلُ:وهو التَّعريفُ بالشَّارحِ، تكلَّمتُ فيهِ عن حياةِ الخليليِّ وشيوخِهِ وتلاميذِهِ ورحلاتِهِ وتاريخِ وفاتِهِ وثناءِ العلماءِ عليهِ .والفصلُ الثَّاني: وهو التَّعريفُ بالكتابِ، وتناولتُ فيهِ الكتابَ وتوثيقَ نسبتِهِ وتاريخَ تأليفِهِ وموضوعَهَ ومصادرَهُ والنُّسخةَ الخطيَّةَ المعتمدةَ ومنهجَ التَّحقيقِ.أمَّا القسمُ الثَّاني فقدِ انصبَّ على تحقيقِ نصِّ الكتابِ تحقيقاً علمياً موضوعياً يُرَاعَى فيهِ أصولُ التَّحقيقِ وقواعدُهُ وضوابطُ التَّخريجِ وأحكامُهُ.وختاماً فالشّكرُ موصولٌ بأهلِهِ أَينَما حلُّوا وحيثُما ارتحلُوا، كما أتقدَّمُ بخالصِ التَّقديرِ والعرفانِ لكلِّ مَنْ أعانَنِي ومدَّ يدَّ المساعدةِ وأسهمَ كي يُطبعَ الكتابُ محرراً متقناً، جعلَهُ اللهُ تعالَى في ميزانِ أعمالِهم أجراً وإحساناً ﭽﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭼ [الشعراء: ٨٨] .واللهَ أَسأَلُ النَّفعَ بهِ والرَّحمةَ والإحسانَ للنَّاظمِ والشَّارحِ والتَّجاوزَ والعفوَ عمَّا بدَرَ منِّي مِنْ زللٍ وتقصيرٍ.وآخرُ دعوانا أَنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِهِ الأمينِ وآلِهِ الطَّيبينَ وأصحابِهِ الميامين.عماد علوان حسين