الإنسان هو مغزى الحياة، إذ لا يتصور للحياة وجود بدونه؛ فهو علامة وجودها وحقيقة صورتها، إلا أنه يحويه قصور في الفكر وضعف في الجسم وخمول في الروح، فلا يستطيع بذاته أن يرسخ لنفسه - التي هي روح وبدن - منهجًا متكاملًا ينور من خلاله طريقة حياته ودرب معاشه؛ وعليه شرع الله الشرع، وأنزل كتبه وبعث رسله؛ لأجل بيان ما ينور له دربه ويضيء له ...
قراءة الكل
الإنسان هو مغزى الحياة، إذ لا يتصور للحياة وجود بدونه؛ فهو علامة وجودها وحقيقة صورتها، إلا أنه يحويه قصور في الفكر وضعف في الجسم وخمول في الروح، فلا يستطيع بذاته أن يرسخ لنفسه - التي هي روح وبدن - منهجًا متكاملًا ينور من خلاله طريقة حياته ودرب معاشه؛ وعليه شرع الله الشرع، وأنزل كتبه وبعث رسله؛ لأجل بيان ما ينور له دربه ويضيء له سبل الحياة، فلا يتعثر فيها ولا يزيغ عليها؛ ما إن تمسك به وهو منهج الله. وهذا المنهج له قواعد عامة يسري فيها بيان مناهج الحياة، وقواعد خاصة تتعلق بها جزئيات الشريعة التي تبين تفاصيل الأمور المكمنة عليها سبل الحياة. وهذه القواعد العامة والخاصة تسمى بمقاصد الشريعة الإسلامية التي بها شرع الشرع وسير النهج. فالقواعد العامة - مقاصد شرعية كلية - وهي الضروريات والحاجيات والتحسينيات، التي من أجل حفظها وتحقيق مناطها بعث الله رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - وأنزل عليه كتابه - أعظم معجزاته الذي يخاطب عقل الإنسان - وهو القرآن الكريم. وقبل أن نلج في بيان الضروريات والحاجيات والتحسينيات والجزئيات المتعلقة بها، علينا بيان مفهوم مقاصد الشريعة في اللغة والاصطلاح حتى يجلو الفكرة أكثر. فالمقاصد في اللغة من القصد وهو: التوجّهُ والأمُّ يقال قصدت فلانا توجهت إليه وأمَّمْته. والشريعة في اللغة هي النهج والطريقة، فهي ما شرعَه الله لعباده من العقائد والأحكام. ومقاصد الشريعة اصطلاحًا: هي "الحكم والغايات التي أرادها الله من أوامره ونواهيه لتحقيق عبوديته وإصلاح حال العباد في الدارين". فقصد الشارع في أوامره ونواهيه تجاه الناس؛ لغرضين: 1. تحقيق عبوديته فيهم. 2. أ. إصلاح حالهم في الدنيا بتحصيل الطمأنينة الروحية والبدنية ب. وفي الآخرة بنيل النعيم المقيم لهم.