"الناس كل الناس تعرف أن كل من يدعي أنه يعرف.. هو عدو للمعرفة ومدع ومغرور وبالتالي هو عدو للمجتمع الذي يدعي تمثيله، لأن المجتمع معرفة.. والمعرفة قوة. وما من أحد يمتلك القوة أو الجرأة حتى للسؤال عن حق..".هذا ما قاله الدكتور موسى مرعب في كتابه "القلم.. الرصاص". والحقيقة أن الحق ما انطلق إلا من حركة القلم والتفافه حول الأصول الموصلة...
قراءة الكل
"الناس كل الناس تعرف أن كل من يدعي أنه يعرف.. هو عدو للمعرفة ومدع ومغرور وبالتالي هو عدو للمجتمع الذي يدعي تمثيله، لأن المجتمع معرفة.. والمعرفة قوة. وما من أحد يمتلك القوة أو الجرأة حتى للسؤال عن حق..".هذا ما قاله الدكتور موسى مرعب في كتابه "القلم.. الرصاص". والحقيقة أن الحق ما انطلق إلا من حركة القلم والتفافه حول الأصول الموصلة إلى طرائق المعرفة، والمعرفة تسكن في أحلامنا الخضراء المتهادية على شرفات العمر، تمسك حبل الأسرار، تغرق به ماء الحياة، تروي النفس العطشى، تمدها بدنان من الراح، تنعشها وتنفخ فيها الصور، التي تختصر المعاني المندرجة على سطور بين طياتها حشرجات من ألم ومعاناة وحسرة معفرة بالقلم الرصاص، يمسكه الدكتور موسى مرعب، فيخرج به عن العرش، يستكشف أحوال الرعية، زائراً في الليل والضحى، أطلال الفجر وهدهداته، مراقباً طوفان أهل الكهف، الحاملين أشلاءهم على كفوفهم، يمسحون بها دموع الندم على وطن، أرادوه وطن الحب والخير والجمال، وموطن الإشعاع والنور، وموئل الحضارات والثقافات، والحق والحقيقة، فإذا به يئن مستغيثاً بأهل القلم، مستنفراً طاقاتهم، وصولاً إلى ذكريات هي الصدى لتاريخ عريق، امتد فوق ذرى الرحى، حاملاً الصحوة النيرة المخبأة في طي الأفئدة، ينسج منها حكايات العزة والمجد الملونة بألوان قوس قزح.هكذا هو موسى، كما في أعماله الإبداعية على أنواعها، كذلك في حياته الشخصية، فالصرخة ذاتها والصدمة ذاتها، والمخرز ذاته، ورفض الغلط ذاته. وهو القائل دائماً أن أهل فيع لا يتناقشون إلا على رأس السطح، لأنهم لا يخافون في الحق لومة لائم، وهو ما تعود أن يصرخ ضد الظلم المعشعش في وطننا إلا من على رأس سطح المؤسسات التي احتضنت أعماله الثقافية. من على راس السطح، وبالأسماء والأرقام والعناوين، من دون لف أو دوران، ومن دون أي حساب لأي خط للرجعة."في القلم الرصاص" كما في "يا ناس" جمع "موسى" بعضاً مما كتبه في "التمدن" لفترة من الزمن في تسعينات القرن الماضي، وقراءة هذه المقالات مجموعة في كتاب، الواحدة تلو الأخرى، يختلف تماماً عن قراءتها بشكل أسبوعي على صفحات الجريدة، فالزخم والثورة والرفض والجرأة التي تنفجر كلها بهذه الصورة الصادقة والبهية، دفعة واحدة وبترددات متكررة، عملية تهز الكيان، وتجعل الواحد يسأل نفسه، ومن حوله أيضاً: ماذا أن نفعل بعد هذه التعبئة المصنوعة من عرق ودم ومخارز، والمنشورة من على رأس السطح؟