منذ أن أغرقت اللعنة الأسلاف في عمق البحر، وبعد أن اختفت معهم لغتهم وقواهم والبلدة تتسربل بالغموض والانعزال. عبر امتداداتهم الرمادية الشاسعة التي تبدأ من براريها السهلية وحتى ضفاف البحر الكبير، يسنج ساكنو البلدة مصائرهم وأقدارهم الخاصة من سر ملغز واحد، وكأن اللعنة تتحقق من سريانها وتجددها الحتمي في كل مصير من هذه المصائر؛ وإذ تهي...
قراءة الكل
منذ أن أغرقت اللعنة الأسلاف في عمق البحر، وبعد أن اختفت معهم لغتهم وقواهم والبلدة تتسربل بالغموض والانعزال. عبر امتداداتهم الرمادية الشاسعة التي تبدأ من براريها السهلية وحتى ضفاف البحر الكبير، يسنج ساكنو البلدة مصائرهم وأقدارهم الخاصة من سر ملغز واحد، وكأن اللعنة تتحقق من سريانها وتجددها الحتمي في كل مصير من هذه المصائر؛ وإذ تهيم كل شخصية من شخوص هذه الرواية بتحولاتها الكيانية العاصفة وأزماتها فإن ذلك يكشف عن جمالية من جماليات فن السرد الذي ينزع إلى كشف كل تجربة وجودية وإضاءتها من الداخل من خلال التشابك الحميم والخفي بين الشخوص ومصائرهم الذاتية.يتطرق الكاتب بقوة إلى صراعات الإنسان الأزلية حول الحرية والأرض والتاريخ وتلك النفوس المغلولة بشدة. يغوص داخلها باحثًا عن تلك الأغوار العصية لامسًا غرورها وجنونها وفسادها وانسيابها روحيًا في المجاهيل.إنها ليست رواية شيقة تحبس الأنفاس فحسب بقدر ما هي عدسة عملاقة تجعلك أحد أبطالها دون أن تشعر. كما تعري صميم المجتمع وتدعنا إلى تأملها والتدقيق فيما لا يُرى من تفاصيل تحتلبها أحزان شفيفة. الواقعية السحرية تمثلت في تلك الضفاف المترامية حول البلدة التي كانت شاهدًا على الموت والغدر والتحدي والثورة
