ابن قيم الجوزية

الكتاب طبعة أولى، الكتاب من تقديم القاضي سعدي أبو حبيب.على يمين الزائر لمدينة دمشق عن طريق الميدان-ميدان الحص-من جهة الجنوب، جانب مدخل مقبرة الباب الصغير مدفن جددت واجهته حديثاً، على طراز حديث، كتب على واجهته "هذا قبر الإمام الحافظ ناصر السنة، صاحب التصانيف المفيدة أبي عبد الله محمد بن أبي الشهير بابن قيم الجوزية تعمده الله برضوانه ولد بدمشق سنة 691هـ وتوفي فيها سنة 751هـ". وإنك لتشعر وأنت واقف أمام هذا الموقف الحديث، برمزين اثنين: التجدد ونمو الإصلاح، فالتجدد من إشادة البناء على حراز حديث، غير ما كان يشاد على قبور العلماء والصالحين من القباب. ونمو الإصلاح من نمو شجيراته المورقة وأزاهيره العطرة.ولئن استلفت الأنظار هذا البناء، بما يوحيه من أسرار، فلا عجب، فقد استوقفت ساكنه أفكار العلماء المصلحين بما حدث من علم جم، ومعارف واسعة، وإصلاح ديني منشود. إن الواقف أمام هذا المدفن ليأخذه العجب. ويستشيره الدهش، عندما يعلم أن ساكنه ابن القيم هذا له باع طويل في جميع العلوم الإسلامية. ومذاهب أهل الأديان على اختلاف مللهم ونحلهم. وله في كل فن مؤلفات واسعة. فإذا ما قرأ له المرء كتاباً في أي من شاء حسب أنه لا يتقن سواه.ثم أيقن أنه لم يكتب في موضوعه أجود منه والذي زاد في تألق كوكب سعده، وتشييد صرح مجده كونه نشأ في منتصف القرون الوسطى. تلك القرون المظلمة، التي أخرت مدينة الإنسان قروناً طوالاً، بما سببته الحروب المغولية الصليبية، مدة قرنين. وهذا العمل في هذا الكتاب يمثل تلخيصاً لبعض آثار هذا الإمام العظيم، بما يبحث لجمهور القراء بصلة وثيقة، ويعود عليه بفوائد عظيمة، وقد اختار المؤلف من آثار ابن القيم كتاب (روضة المحبين) و(عدة الصابرين) و(الروح) و(حادي الأرواح) لأن لكل كتاب من هذه الكتب تأثيره الخاص في نفس مطالعه فروضة المحبين يعمل على كبح جماع الطمأنينة والهناء في نفوس الجماهير الكادحة التي تمنى بالسعادة والسيادة، وهي كما هي لا تزال في الحضيض ترزح تحت نير الكد والتخلف، والروح، يأخذ بأيدي الحيارى ممن شد النصيب من المعرفة لساحل الطمأنينة والراحة النفسية والاستقرار وليعلم جواب: (من أنا وأين كنت وإلام المصير). وحادي الأرواح، ليسكب في قلب المطلع على هذا الكتيب سلسبيل الأمن على مصير من أضنى جسده الفاني بطلب النعيم الباني.