يأتي كتاب "المفاوضات الدولية بين العلم والممارسة" في وقت تشتد فيه الحاجة إلى انتهاج أسلوب المفاوضات كأساس لحل النزاعات الدولية بالطرق السلمية، وهو الأسلوب الذي يقتضي قدراً كبيراً من العلم والحكمة والخبرة من أجل التوصل إلى تسوية المنازعات، وإحلال السلام، بدلاً من انتهاج أسلوب الحرب والعداء. وما أحوج العالم في وقت تشتد فيه النزاعا...
قراءة الكل
يأتي كتاب "المفاوضات الدولية بين العلم والممارسة" في وقت تشتد فيه الحاجة إلى انتهاج أسلوب المفاوضات كأساس لحل النزاعات الدولية بالطرق السلمية، وهو الأسلوب الذي يقتضي قدراً كبيراً من العلم والحكمة والخبرة من أجل التوصل إلى تسوية المنازعات، وإحلال السلام، بدلاً من انتهاج أسلوب الحرب والعداء. وما أحوج العالم في وقت تشتد فيه النزاعات وصيحات الحرب والتهديد باستخدام القوة إلى من يذكره بمبدأ الحل السلمي للصراعات ومختلف النزاعات، وتقديم إحدى الأدوات العملية لتحقيق ذلك، ألا وهي المفاوضات.وإننا لعلى ثقة من أن القارئ غير المتخصص سيجد في الكتاب ما يعينه على فهم بعض من الصعاب والمهام التي تعترض عمل المفاوض، سواء كان ديبلوماسيا أو سياسياً، مفاوضاً عسكرياً أو تجارياً، ليخرج بعد أن يفرغ من قراءته أكثر وعياً وإلماماً لما يتوافر في وسائل الإعلام من مفاوضات تجري بين أطراف دولية عديدة وما تشهدها من انتكاسات أو اتجاهات.أما المتخصص فليس من شك في أنه سيجد من جانبه في هذا الكتاب ما يضيف إلى معارفه، ويذكره بما قد يكون نسيه، ويجدد معلوماته ويثري خبرته، وقد جاء الفصل الأول من الكتاب ليخاطب من سماهم المؤلف بالمفاوض الدولي بالصدفة، وليس فقط المفاوضين الدوليين المحترفين من سياسيين ودبلوماسيين، وأحياناً خبراء فنيين، وقصدهن هذا المفاوض الدولي بالصدفة، أي مسؤول حكومي يجد نفسه لأول مرة في مواجهة عملية تفاوض دولي، لم يتدرب عليها، وهو حريص في الوقت نفسه على أن يحقق لمؤسسته الحكومية أو غير الحكومية أكبر عائد ومصلحة ممكنة، فضلاً عما لديه من طموح شريف للإنجاز والتفوق.ومن هنا كانت فلسفة هذا الكتاب من تقديم عرض منهجي وعلمي متكامل يخاطب كافة المهتمين من محترفين وغير محترفين، وذلك كله من خلال مزاوجة سهلة ومنطقية بين دواعي ومنهجية العلم، وبين التبسيط والاعتبارات العملية، وتمشياً مع هذا المنهج كان الحرص على عدم سحب القارئ إلى تعريفات علمية دقيقة، أو أسس علمية معقدة، سبق أن تعرض لها الكثيرون بما فيهم المؤلف نفسه، وإنما ركز انتابه القارئ على الخطوات العملية لأداة التفاوض، بدءاً من كيفية إعداد ملف التفاوض بفهم العوامل والدوافع التي تؤثر على السلوك التفاوضي، إلى بحث تأثير البيئة الخارجية ومحاولات الأطراف الأخرى غير تلك المعنية بالتفاوض، للتأثير على مسار التفاوض، ودون إهمال أثر الجوانب الثقافية والنفسية على سلوك المتفاوضين.ثم حاول أن يعرض للقارئ من خلال رؤية علمية مبسطة لكيفية بدء التفاوض، وآلية التفاوض ذاتها، ولغة التفاوض، وكيفية التوصل إلى اتفاق، ولم يفته أن يتطرق إلى العديد من التفاصيل الفنية الدقيقة كحجم وتشكيل وفد التفاوض، وتأثير الخبرات السابقة، ثم اختتم هذا كله بتقديم عدد من النصائح الاسترشادية للمفاوضين كافة.