"الزمان: الصباح الباكر من اليوم الثاني والعشرين من شهر آذار - مارس عام 1921، المكان: ساحة في وسط قرية (احسم) بجبل الزاوية شمال سورية، من أعمال محافظة حلب آنذاك، يبدو في الطرف الأيسر من المسرح قسم من مسجد القرية، وفي طرفه الأيمن تبدو شجرة تين غليظة الجذع...مجموعة من المجاهدين السوريين بلباسهم الشعبي، وأسلحتهم يجلسون على الأرض، في...
قراءة الكل
"الزمان: الصباح الباكر من اليوم الثاني والعشرين من شهر آذار - مارس عام 1921، المكان: ساحة في وسط قرية (احسم) بجبل الزاوية شمال سورية، من أعمال محافظة حلب آنذاك، يبدو في الطرف الأيسر من المسرح قسم من مسجد القرية، وفي طرفه الأيمن تبدو شجرة تين غليظة الجذع...مجموعة من المجاهدين السوريين بلباسهم الشعبي، وأسلحتهم يجلسون على الأرض، في مواجهتهم القائد (إبراهيم هنانو) واقفاً يقرأ رسالة وصلته للتو من عدوّه الجنرال الفرنسي (غوبو)... على بعد خطوات من إبراهيم هنانو وقف ضابط فرنسي مجرداً من السلاح، بلباسه العسكري، يحرسه اثنان من المجاهدين السوريين إبراهيم هنانو: (بصوت مرتفع مخاطباً المجاهدين): هذه رسالة الجنرال (غوبو) أوصلها إلينا الآن هذا الرجل (مشيراً إلى الضابط الفرنسي) الذي ترونه أمامكم، وهو يزعم في رسالته أن هذا الضابط هو مساعده العسكري الأول، وقد أرسله إلينا رهينة على أن نرسل إليه إبراهيم هنانو لإجراء مفاوضات مباشرة بحجة إختصار الجهود وحقن الدماء، والوصول إلى حلٍّ عادل على حدّ قوله يرضي الطرفين المتحاربين.أحد المجاهدين: نرفض هذا العرض، أنه خديعة خسيسة أنه يريد أن يعتقل أبا طارق بالحيلة، هنانو: دعونا نتأكد من صحة المعلومات (يتجه إلى الضابط الفرنسي) هل تتكلم العربية؟ الضابط: نأم (أي نعم باللغة فرنسية) هنانو: هل أنت المساعد العسكري الأول للجنرال غوبو، كما يقول في رسالته؟ الضابط: نأم مسيو، هنانو: هل توافق على عرض رئيسك غوبو، وما يترتب عليه من خطر عليك إذا غدر بنا غوبو، وتخلّى عنك: الضابط: نأم مسيو، ويتابع إبراهيم هنانو بطل الرواية طريقه إلى الشهادة.ويتجه إلى المجاهدين في المشهد الثاني من هذه المسرحية قائلاً: هنانو حياكم الله، يا مجاهدي جبل الزاوية... لقد صدقتم العهد الذي قطعتموه على أنفسكم، بعد أن ضعف غيركم، وتخلى عن المسؤولية، مجاهد: خيانة صبحي أفندي، لن تؤثر علينا أبا طارق، هنانو: ها أنتم بقيادة زعيمكم (مصطفى الحاج حسين) تحتضنون الثورة السورية على المستعمرين الفرنسيين بعد أن أوشك علم الثورة أن يهوي مصطفى الحاج حسين: علم الثورة لن يهوي بإذن الله، مادمنا على قيد الحياة.وبهذه الروح الوطنية يمضي المجاهدون ويمضي قائدهم هنانو على دروب الإنتصار ويعزم بطل الزاوية هنانو على الذهاب لمواجهة القائد غوبو والتفاوض معه مباشرة رغم رفض الجميع ذلك خوفاً من غدر الفرنسيين به، قائلاً: "إذا غاب إبراهيم هنانو، ومن يضمن حياته إلى الأبد، فكل واحد منكم، كل مجاهدوا إبراهيم هنانو، وأفضل من إبراهيم هنانو: أنتم تعلمون حق العلم أن سورية الحبية لن تتحر من هذا الكابوس الطاغوتي الأجنبي حتى يصبح كل مواطن سوري مثل إبراهيم هنانو ومصطفى الحاج حسين... فإذا ماتت ثورتنا يموت رجل مهما كان عظيماً فهذا يعني أن ثورتنا خلل يجب أن نعالجه قبل فوات الأوان.لما توفي سيدنا "محمد صلى الله عليه وسلم"، وجزع لوفاته "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه، هل تعلمون ماذا قال "أبو بكر الصديق" رضي الله عنه، قال وما أعظمه من درس: "من كان يعبد محمداً فإن محمد قد مات، ومن كان يعبد الله، فإن الله حيّ لا يموت" ويصرخ المجاهدون: الله أكبر الله أكبر. لا إله إلا الله.وقبل أن يمضي لمواجهة خصمه يوصي إبراهيم هنانو قائلاً للغائب مصطفى حسين: "لا أوصك بولدي طارق، ولا بزوجتي أم طارق، إنما أوصيك بالأمة كلها، أوصيكم جمعاً بتقوى الله العظيم، بالعهود والمواثيق الربانية: النصر أو الشهادة".وهكذا يصور الكاتب من خلال هذه المسرحية بطوله إبراهيم هنانو والمجاهدين معه، فكان حقاً بطل جبل الزاوية حيث لم تثنيه قوة الجيش الفرنسي عن عزيمته في مواجهتهم، وقد استطاع الكاتب وإلى حدٍّ كبير، استحضار المواقف الحساسة، كما استطاع إيصال الإنطباع الذي حمل صورة الروح الجهادية إلى ما لا نهاية لدى إبراهيم هنانو والثوار معه، وفي مسرحيته هذه كما بقية المسرحيات والقصص التي ضمها هذا الكتاب والتي تناولت مواضيعها إلا أنها اجتمعت على تصوير الواقع الإجتماعي بصورة موضوعية وبأسلوب أدبي تناسب أولاً وأخيراً مع شخصية البطل الذي حمل عنوان المسرحية الأهم في هذا العمل "بطل في جبل الزاوية" قصة المجاهد الكبير "إبراهيم هنانو".