شكلت المدارس السريانية ظاهرة هامة في تاريخ منطقة الشرق الأدنى بوجه عام، وتاريخ الفكر السرياني على وجه الخصوص، وذلك من خلال الفترة الممتدة من القرن 3م– 13م، إذ كانت هذه المدارس– بما قامت به من نشاط يجمع بين الجوانب الدينية والدنيوية– بمثابة مركز إشعاع فكري وثقافي وديني.إلا من أهم ما يميز هذه المدارس وأعطاها مكانتها الفكرية المرمو...
قراءة الكل
شكلت المدارس السريانية ظاهرة هامة في تاريخ منطقة الشرق الأدنى بوجه عام، وتاريخ الفكر السرياني على وجه الخصوص، وذلك من خلال الفترة الممتدة من القرن 3م– 13م، إذ كانت هذه المدارس– بما قامت به من نشاط يجمع بين الجوانب الدينية والدنيوية– بمثابة مركز إشعاع فكري وثقافي وديني.إلا من أهم ما يميز هذه المدارس وأعطاها مكانتها الفكرية المرموقة هو الدور الذي قامت به في نقل الثقافة اليونانية إلى منطقة الشرق، فقد اهتمت هذه المدارس باستيعاب الفكر اليوناني وبدراسة اللغة اليونانية، وبرز دور السريان كمترجمين ونقله للتراث الفكري اليوناني، فترجموا كثيرًا من علوم اليونانيين وآدابهم إلى اللغة السريانية، كما عملوا على دراسة الفلسفة.ورغم الدور البارز للمدارس السريانية، وما خلفته من أثر في الحياة الفكرية والعلمية في منطقة الشرق، فإنها لم تحظ حتى الآن بما تستحقه من دراسة لتتبع جذورها وعوامل نشأتها والظروف المحيطة بتلك النشأة، والتعرف على ما قامت به من نشاط ومن هنا تبرز الحاجة إلى دراسة هذا الكتاب.يسعى هذا الكتاب كذلك للتعرف على المدارس السريانية في الشرق الأدنى القديم من خلال دراسة طابع هذه المدارس وأهم ملامحها والعوامل التي ساعدت على قيامها وتتبع مظاهر تأثر هذه المدارس بما قبلها والدور الذي قامت به، وما بينها من تشابه أو تباين، فضلًا عن تقديم نماذج من كتابات أبرز مفكري هذه المدارس.