إن الصعود العالمي للسياسة الدينية موجود في كل التقاليد الدينية؛ يدفعه الإدراك الواسع النطاق، بأن القومية العَلمانية تعد تعبيراً غير فعال وغير كفء عن القيم العامة والجماعة الأخلاقية، في ظل حقبة عالمية شهدت فيها الأشكال التقليدية من الهوية الاجتماعية والمساءلة السياسية، تحولاً جذرياً. ويمثل العنف الديني تعبيراً عن ذلك الاحتجاج الم...
قراءة الكل
إن الصعود العالمي للسياسة الدينية موجود في كل التقاليد الدينية؛ يدفعه الإدراك الواسع النطاق، بأن القومية العَلمانية تعد تعبيراً غير فعال وغير كفء عن القيم العامة والجماعة الأخلاقية، في ظل حقبة عالمية شهدت فيها الأشكال التقليدية من الهوية الاجتماعية والمساءلة السياسية، تحولاً جذرياً. ويمثل العنف الديني تعبيراً عن ذلك الاحتجاج المناهض للعلمانية، وهو أحد أعراض التعطش لإحياء الأخلاقيات والقيم في الحياة العامة.ويشتمل هذا العدد على دراسة حالة للهند، بتقديم قراءة نقدية لدور الدين في بناء الدولة بالهند، وتناقش الدراسة بوجه خاص كيف أن التصور الهندي للعلمانية، يستند إلى عدد من الموروثات الدينية التي تتجلى في المفهوم «الغاندي»؛ لما يشكّل الجماعات الدينية والسياسية. وانطلاقاً من تلك الصورة العامة، تستطلع الدراسة كيفية استخدام القوميِّين الهندوس مثل هذه الموروثات في فرض ممارساتهم الإقصائية، عبر تأسيس هياكل مسيطرة تتألف من الحدود الدينية الفاصلة والممارسات الدينية الصارمة؛ بهدف إبقاء الحركات المناهضة داخل حظيرة الهندوسية. وهذا الوضع، كما تؤكد الدراسة، يسري على القوميِّين الهندوس داخل الهند، وفي الشتات الهندي المنتشر في أوروبا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية.وتقدم الدراسة تقويماً نقدياً لعدد من المحاولات الرامية إلى تحدي تلك الهياكل المسيطرة، من قوى علمانية ودينية، وكذلك من حيث الفهم القانوني لحقوق المواطنة. وتطرح الدراسة أن الدين كان في إمكانه القيام - وقد قام فعلياً بذلك - بدور إيجابي في بناء الدولة الهندية، بيد أن القومية الهندوسية، عملت باستمرار على إعادة إنتاج الممارسات الإقصائية ضد الجماعات الدينية الأخرى، وعرقلة أي شكل من أشكال عملية الاستيعاب.