صدرت عن منشورات المتوسط – إيطاليا، مجموعة شعرية جديدة للشاعرة المغربية فدوى الزياني، وجاءت بعنوان "ماتريوشكا". قصائدُ الشاعرة فدوى الزياني في هذا الكتاب، لا تُشبه الدُّمية الروسية فحسب، واحدة داخلَ أخرى وهكذا؛ إنَّما تنفلتُ بقسوةٍ من قبضة الوحدة، ذلك الألمُ الذي لا يتشَبَّه، ولا يمكنُ مداراته بين صمتٍ وصخب، بين غيابٍ وحضور، بين ...
قراءة الكل
صدرت عن منشورات المتوسط – إيطاليا، مجموعة شعرية جديدة للشاعرة المغربية فدوى الزياني، وجاءت بعنوان "ماتريوشكا". قصائدُ الشاعرة فدوى الزياني في هذا الكتاب، لا تُشبه الدُّمية الروسية فحسب، واحدة داخلَ أخرى وهكذا؛ إنَّما تنفلتُ بقسوةٍ من قبضة الوحدة، ذلك الألمُ الذي لا يتشَبَّه، ولا يمكنُ مداراته بين صمتٍ وصخب، بين غيابٍ وحضور، بين لحظةِ حبّ ولحظةِ نكران، وبين البين ابتساماتٌ مُقفلة، وعيونٌ مقفلة، وتعاساتٌ تُحصى بجديّة، كما نقرأ في قصيدة عنوان الكتاب:لليلةٍ واحدةٍ فقطأريدُ أن أكونَ جادّةً مع الوحدةجادّةً مثلَ أزمةٍ قلبيةصارمةً مثلَ صانعِ ألعابٍ روسيّومثلَ قاتلٍ متسلسلٍ مريضٍ بالفُصَامأُفاجِئ زهوَها بالحياةأُغطّي وجهَها المذهولَ بوسادةأسمعُ خُوَارَها الأخيرَ في قَعْر اللعبةوأخرجُ لأشباهي أُخبرُهمأيّها الوجهُ الكئيبُ المزخرف،أيّتها العيونُ المطفأةُ، يا تعاسَاتي المُختلفةلقد أصبحْنا وحيدين الآنوحيدين للغاية.في قصائد فدوى الزياني مزجٌ واعٍ بين أشياء عادية يوميّة، وأساطير وحكاياتٍ تاريخية، تلتقطُ الشاعرة مشهداً مفصلياً منها، أو محاكاة تفتحُ القصيدة على أكثر من جهة. وهي في طريقها لتكتب تاريخها وشعريتها الخاصة، تحضرُ الحروب، كما المعارك الصغيرة الحميمة، يحضرُ اللاجئون والنازحون والموتى والأنبياء الجدد، تحضرُ القصائدُ الطويلة بحجم المسافات التي تقطعها الأقدام الحافية، والأجساد العارية، والقلوب المكسورة، يحضر ربُّ المسافات الطويلة، وتحضر الوحدة مكثَّفة طاغية وثقيلة كقفل صدئ في باب قلعةٍ قديمة.في قصيدة "في المرَّة القادمة" نقرأ لفدوى:الكلماتُ عمّالٌ متعبونالكلماتُ أجنحةٌ للموتى الأطفالالكلماتُ أرواحُ أُمّي التي لا تُرَىالكلماتُ شِعْرٌ فارغُ الذرائعوالفكرةُ الخائفةُ حين تُسقِطُناتخرجُ بنا إلى الوجودِ أجنّةً ناقصة.تمنحُ فدوى الزياني، الكثيرَ من نفسها للشِّعر، لقصائد لو رُسمت لكانت بورتريهات متعدِّدَة لشخصِ الشاعرة، لذكرياتها وهواجسها التي تبدأ من سيجارة واحدة قد لا تكفي لإسقاط سقف الوحدة، ولا تنتهي بمآسي الحروب والتشرُّد والضياع بين القتل والدماء وأنانية إنسان هذا العصر. نقرأ ونرى فدوى طفلةً وامرأة ناضجة وعاشقة مجنونة ومحاربة متمرّسة، وبدل أن تكون فراشة تؤثر الحلزون، كما جاء في عتبة الكتاب، لا لشيء سوى لتترك في الطريق، طريقِ الشعر، قصيدتها اللامعة:الحلازينُ أكثر استجابة للشِّعْر وحكمتِهلتكونَ شاعراً يحتاجُ الأمرُ سُكونَ حلزونٍ صغيرٍ يتشبّثُ بالعشبمثلَ رضيعٍ على صدرِ أُمِّهِ، قَرْناكَ واحدٌ إلى الجنوب والآخرٌ إلى الشماللتسمعَ حكمةَ الشجرِ من بطونِها، ظَهرُكَ أملسُ كأنما صَنعتَ سفينةمن الضوءِ والغيمِ والندى وحمّلتَها نبيَّاً يحمل عبءَ الكونِ وحدَه..قلبُكَ على الطينِ يخفقُ متى تنهَّدَتِ الأرضمغموراً في الطّلّ حتى منتهى الوداعةساكناً في الصمتِ حتّى منتهى الخيال.وفي وسطِ كلِّ هذه المشاهد ودونَ أيّ جهدٍ يُذكَرتمضي ولا تمضي ...وحيثما مضيتَ تتركُ على العشب دبيبَكَ الفضّيّ قصيدةً لامعة."ماتريوشكا" مجموعة شعرية هي الخامسة الصادرة للشاعرة فدوى الزياني، جاءت في 112صفحة من القطع الوسط، ضمن سلسلة "براءات" لسنة 2019، التي تصدرها الدار وتنتصر فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية.-----------فدوى الزياني: شاعرة مغربية، مواليد مدينة زاكورة. رئيسة جمعية زاگورة الشعر وفاعلة جمعوية بعدة جمعيات منها: جامعة المبدعين المغاربة وجمعية المبدعين اللغويين. صدر لها شعراً: "خريف أزرق"، 2014. مجموعة "إيماءات شعرية" 2014. "أسبق النهر بخطوة "، 2015. "خدعة النور في آخر الممر"، 2017. نشرت نصوصها الشعرية على صفحات كثير من المجلات والجرائد العربية منها: جريدة الاتحاد الاشتراكي، مجلة الآداب المصرية، مجلة السفير اللبنانية وغيرها.