بالنظر إلى التوتر الأخير الذي شهدته العلاقات التركية- الإيرانية، فإن طريقاً شائكاً ينتظر هذه العلاقات، ما لم تختر إيران ألا تركز على مصالحها الذاتية المتشعبة، وتتبنى سياسة تقوم على التعاون مع تركيا لنشر السلام والاستقرار في المنطقة. ويبدو أن هذا الخيار المستقبلي يتلاشى في ضوء المشكلات الحالية. فقد تعرضت العلاقات التركية- الإيران...
قراءة الكل
بالنظر إلى التوتر الأخير الذي شهدته العلاقات التركية- الإيرانية، فإن طريقاً شائكاً ينتظر هذه العلاقات، ما لم تختر إيران ألا تركز على مصالحها الذاتية المتشعبة، وتتبنى سياسة تقوم على التعاون مع تركيا لنشر السلام والاستقرار في المنطقة. ويبدو أن هذا الخيار المستقبلي يتلاشى في ضوء المشكلات الحالية. فقد تعرضت العلاقات التركية- الإيرانية لتوتر حقيقي مع تصاعد الاضطرابات في سوريا، ودخلت هذه العلاقات منعطفاً حاداً عقب حادثتين كان لهما أثرهما الحقيقي في أمن المنطقة، هما: انضمام تركيا إلى برنامج الدرع الصاروخية لحلف (الناتو)، وقرار أنقرة عام 2011 السماح لحلف (الناتو) بنشر أنظمة الرادار للإنذار المبكر المضادة للصواريخ في جنوب شرق البلاد، كجزء من قدرات الحلف. في هذا الوقت تعرَّضت تركيا للانتقادات بإدارة وجهها نحو الشرق، وبرغم أن ذلك كان لتحقيق أهداف اقتصادية بالأساس، فإن القرار التركي بالسماح للنظام المضاد للصواريخ باستخدام الأراضي التركية، كان مؤشراً على أن تركيا لا زالت حليفاً مقرباً من الغرب.وينبغي ألا يغيب عن المرء الاختلاف الواضح بين السياستين التركية والإيرانية من حيث هامش المناورة المتاحة لكل منهما، فمساحة مناورة تركيا بين الشرق والغرب قد منحت السياسة الخارجية التركية مرونة نادرة، في حين أن العداء الإيراني تجاه الغرب قد حرم طهران من المرونة في علاقاتها الخارجية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن مقاومة إيران لموجة الربيع العربي وطريقة تعاملها مع أوضاعها الداخلية، قد أديا إلى نقاش غير مسبوق حول وجود الدولة ذاته. وفي الحقيقة، فقد واجه نظام الفقيه في إيران أزمة داخلية أعمق من الأزمات الخارجية عقب موجات الربيع العربي.ويُعتبر التوتر الأخير الذي شهدته العلاقات التركية- الإيرانية مثالاً على هذه الأزمة. إن حقيقة القول بأن تركيا ستبقى دائماً محافظة على هويتها الغربية، يعني أن العلاقات التركية- الإيرانية لن تتطور في المستقبل ما لم تواجه إيران حالة الاستياء الداخلي وتتمكن من التغلب عليها. إن إيران تقف اليوم على مفترق طرق رئيسي، حيث إن القرارات المتعلقة بالسياسة الخارجية التي ستتخذها طهران سيكون لها تبعاتها الحادة على المنطقة وشركاء إيران. وإذا ما اتبع النظام الإيراني سياسة خارجية وإقليمية أكثر تعاوناً، فإن أسس الاستقرار والرخاء الذي رسمته تركيا ستخلق بيئة مميزة لإيران لدمج قدراتها الإنتاجية مع الآخرين، والعمل من أجل المصلحة العامة للمنطقة. وفي حال لجأت طهران إلى اتباع سياسات طائفية وعدائية، فإنها ستخاطر بتدهور علاقاتها البناءة مع الشركاء الداعمين والملتزمين بأمن واستقرار المنطقة مثل تركيا.