إن المفاهيم العلمية المحددة والواضحة المدلول لمت نتداوله من تعابير ومصطلحات في مختلف المجالات لها أهميتها العظمى في تكوين فكرنا وبالتالي تحديد مواقفنا من مضامين تلك المصطلحات.ذلك أن المفاهيم هي العنصر المحرك للسلوك الإنساني. فإذا كانت مفاهيم المرء، عن الموضوع الذي يعالجه، صحيحة كان سلوكه صحيحا تجاهه، وإلا سلك سلوكا مضطربا وبعيدا...
قراءة الكل
إن المفاهيم العلمية المحددة والواضحة المدلول لمت نتداوله من تعابير ومصطلحات في مختلف المجالات لها أهميتها العظمى في تكوين فكرنا وبالتالي تحديد مواقفنا من مضامين تلك المصطلحات.ذلك أن المفاهيم هي العنصر المحرك للسلوك الإنساني. فإذا كانت مفاهيم المرء، عن الموضوع الذي يعالجه، صحيحة كان سلوكه صحيحا تجاهه، وإلا سلك سلوكا مضطربا وبعيدا عن الصحة والصواب، فتترتب على ذلك نتائج غير قويمة تؤثر بدورها على مواقفه العامة، ومواقفه من قضايا محددة يتصدى لمعالجتها، أو يخوض في الحديث فيها.ولقد شاعت بيننا الكثير من المصطلحات الأدبية والنقدية وصار المثقفون، على اختلاف درجات ثقافتهم وعمقها، يتداولونها في أحاديثهم، دون أن يتبينوا لها مدلولا علميا واضحا ليمكن أن يؤدي النقاش بينهم حوله إلى نتائج مثمرة.لذلك رأيت، مساهمة مني في توضيح وتحديد بعض المصطلحات الأدبية والنقدية، أن أبلور لها تحديدا علميا، ومدلولات واضحة، معتمدا في ذلك على خلاصات ما توصل إليها الباحثون في هذا المجال، نتيجة خبرات طويلة في المعالجة والبحث، مضيفا إليها خبراتي المتواضعة التي هي حصيلة قرائي وتدريسي لمادة النقد الأدبي لسنوات طويلة في كلية الآداب وكلية التربية في جامعة بغداد.ورأيت أن جعل هذه الدراسات في قسمين : يعرض القسم الأول منها مفاهيم أساسية حديثة في الأدب وبعض المصطلحات النقدية، وهي تتعلق، بمجملها بقضايا ومسائل عن النقد الحديث، مع الإشارة، في بعضها إلى مفاهيمها في تراثنا العربي.ولقد تناولت في هذا القسم بالتوضيح والتحليل والتعليق مصطلح الأدب، والنقد ، وأنواعه، والفرق بين تاريخ الأدب والتاريخ العام، والأدب الموازن والأدب العام.أما القسم الثاني، فيعرض لتطور المفاهيم والمقاييس النقدية في تراثنا العربي منذ العصر الجاهلي، حتى القرن الثالث الهجري حين تبلورت له مقاييس منهجية واضحة لدى ابن سلام الجمحي، وابن قتيبة الدينوري.وكل ما أرجوه هو أن يكون، لهذه الدراسات، فرصة المساهمة في توضيح بعض القضايا الأساسية في الأدب والنقد، الحديث والتراثي، في أذهان الناشئة العرب المتطلعين إلى الوضوح الفكري، وإلى تبين الأسس المنهجية في التفكير والتعبير.