المصافحةُ تورثُ الألفة والمودة والمحبة بين الناس، وتساعد على إشاعة روح الودِّ والصفاء بين أفراد المجتمع المسلم، وهي معنى من معاني الإحسان إلى بعضهم البعض، وتُذهب العداوة والبغضاء وتزيل غوائل الصدور، وحزازات النفوس ، وهي تـُظهرُ معنى التعاضد والترابط والالتحام والوثاق بين المتصافحين، فكأنَّ كلاً منهما يقولُ لصاحبه أنا معك في جميع...
قراءة الكل
المصافحةُ تورثُ الألفة والمودة والمحبة بين الناس، وتساعد على إشاعة روح الودِّ والصفاء بين أفراد المجتمع المسلم، وهي معنى من معاني الإحسان إلى بعضهم البعض، وتُذهب العداوة والبغضاء وتزيل غوائل الصدور، وحزازات النفوس ، وهي تـُظهرُ معنى التعاضد والترابط والالتحام والوثاق بين المتصافحين، فكأنَّ كلاً منهما يقولُ لصاحبه أنا معك في جميع ما تريد من الخير، فإنَّ صورة المصافحة صورة العهد، ومن هنا يدرك كل واحد منا المعنى الذي من أجله كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بايع أصحابه صافحهم. ولذا قالَ كعبُ بنُ مَالِكٍ في - حديثه الطويل - حين قام إليهِ طلحةُ وصافحَهُ: "فو الله لا أنساها لطلحة أبدًا" فأخبر بعظيم موقع قيام طلحة إليه من نفسه ومصافحته له وسروره بذلك، وكان عنده أفضل الصلة والمشاركة له. ويُذكر عن أبي سعيد الحسن البصري - رحمه الله - أنَّهُ كان يقول: المصَافحةُ تزيدُ في الودِّ. فإذا كان الأمر كذلك فإنه ينبغي أن يعلم جميعُ المسلمين ما لهذه العبادة من آثار عظيمة، ومنافع جليلة ،تعود عليهم بالنفع والخير. فلأجل هذه المعاني السامية والخصال الراقية أحب الكاتب الكتابة عن المصافحة وما هو متعلق بها من أحكام وآداب ؛ فجمع في هذا الكتاب ما تيسر له جمعه مما هو متعلق بها ؛ خاصة ونحن نعيش في هذا الزمان الذي ضُيعت فيه كثيرٌ من الآداب الإسلامية، والفضائل الدينية، ومنها آداب المصافحة. ولا يخفى على كل ذي لبٍ أن أهمية هذا الموضوع تبرز وتتجلى من جهة أنه قد اشتمل على أحكام وسنن وآداب لا يستغني عن معرفتها كل مسلم حيث إنه يتعامل بها في حياته اليومية مع الآخرين، ولا شك أن معرفة مثل هذه المسائل والأحكام والآداب أهم من كثير من نوادر المسائل الفقهية التي قد لا يحتاجها الإنسان في حياته، وشأن أهل العلم الاهتمام بالمسائل التي تدعو الحاجة إليها ، ويكثر العمل بها، أشد من غيرها. قالَ الإمامُ أبو زكريا النووي رحمه الله في كتابه (روضة الطالبين وعمدة المفتين): [10/238]: عند حديثه عن الأحكام والمسائل المتعلقة بالسلام والقيام والتقبيل والمصافحة وغيرها من الآداب:وإنما بسطتُ هذا الفصل على خلاف العادة لأنه أحكام وسنن تدعو الحاجة إليها ويكثر العمل بها فهي أولى من نوادر المسائل التي لا تقع في العادة وأسأل الله الكريم التوفيق للخيرات والله أعلم. أهـ.