إنَّ السؤال الذي طرحه الأستاذ ميشيل عفلق عن الوحدة العربية لم يأت به من فراغ ، وإنما هو نتيجة منطقية لمراقبة حركة التاريخ العربي في ماضيه وحاضره ، واستفساره عن مكانة الوحدة العربية في حركة التاريخ هذه وإمكانية تحقيقها ما دامت مالكة لشروطها الموضوعية والذاتية·ونقول قولنا هذا ابتداءً من أجل أن نبيّن أن الأستاذ جعل من الوحدة العربي...
قراءة الكل
إنَّ السؤال الذي طرحه الأستاذ ميشيل عفلق عن الوحدة العربية لم يأت به من فراغ ، وإنما هو نتيجة منطقية لمراقبة حركة التاريخ العربي في ماضيه وحاضره ، واستفساره عن مكانة الوحدة العربية في حركة التاريخ هذه وإمكانية تحقيقها ما دامت مالكة لشروطها الموضوعية والذاتية·ونقول قولنا هذا ابتداءً من أجل أن نبيّن أن الأستاذ جعل من الوحدة العربية الهدف الأول والأساس للعرب وربطه بالحرية والاشتراكية · وقال بوجود العلاقة العضوية والجدلية بين الوحدة العربية وكل من الحرية والاشتراكية بحيث يشكل أحد هذه الأهداف مقدمة للآخر ونتيجة· وللأستاذ أسبابه في هذا الربط من أجل أن يؤكد أن الوحدة تمثل حالة راهنية في الحياة العربية ، وهي إن كانت تتعايش مع الحرية والاشتراكية، بمستويات من التلازم ، فإنها هي المتسع الحقيقي للحرية والاشتراكية وبدونها لا يمكن للحرية أن تأخذ حقها كاملاً وكذلك الاشتراكية·والوحدة بسؤالها تظل على هذه السيرورة لأنها حقيقة واقعية كامنة وظاهرة في الحياة العربية· فإذا هي لم تتحقق اليوم أو في الغد القريب فإن إمكانات تحققها في المستقبل ممكنة وقائمة لأنها ، كما يراها الأستاذ ، ساكنة في عمق الحياة العربية ، في ماضيها وحاضرها ومستقبلها· وستظل ساكنة ومستمرة ما دامت مالكة لممكناتها حتى تصبح القوى الوحدوية قادرة على فرض إرادتها في عودة الأمة إلى ذاتها في الوحدة لأنها ، في رأيه ، تمثل حقيقتها·