يتضمن الكتاب مقدمة وثبتاً بالرسائل بين القاضي عدنان الشهال المعروف بنزاهته وصلابته في إحقاق الحق والدفاع عن المظلومين, وزعيمة الشوف الست نظيرة جنبلاط التي انقادت لها الزعامة كونها تتمتع بقدر كبير من المؤهلات, كالحكمة والدراية في معالجة المشكلات والقدرة على قراءة الأحداث قراءة سليمة واعية. فقد كانت في الواقع ظاهرة فريدة ليس في ال...
قراءة الكل
يتضمن الكتاب مقدمة وثبتاً بالرسائل بين القاضي عدنان الشهال المعروف بنزاهته وصلابته في إحقاق الحق والدفاع عن المظلومين, وزعيمة الشوف الست نظيرة جنبلاط التي انقادت لها الزعامة كونها تتمتع بقدر كبير من المؤهلات, كالحكمة والدراية في معالجة المشكلات والقدرة على قراءة الأحداث قراءة سليمة واعية. فقد كانت في الواقع ظاهرة فريدة ليس في الشوف وحسب بل على المستوى الوطني.نبذة النيل والفرات:الرسائل المتبادلة بين السيدة نظيرة جنبلاط وبين القاضي جميل الشهال، بعد استقالته من حاكمية صلح الشوف مطلع سنة 1933 وعودته إلى طرابلس استمرت على مدى عقود من الزمن، تؤرخ لجوانب من الحياة السياسية، في فترة عنفت فيها التجاذبات الحزبية في منطقة تميزت بالحساسية. إذ كانت الزعامة لا تنقاد إلا لمن يتمتع بقدر كبير من مؤهلات القيادة، كالمحكمة والدراية في معالجة المشكلات والقدرة على قراءة الأحداث قراءة سليمة واعية، فإن السيدة نظيرة زعيمة الشوف، كانت تملك هذه الصفات بامتياز. كانت في الواقع ظاهرة فريدة، ليس في الشوف وحسب بل على المستوى الوطني.ورثت الزعامة عقب مصرع زوجها الأمير فؤاد جنبلاط قائمقام الشوف المستقيل، في كمين كان يستهدف قائد الدرك لأسباب شخصية، حملت السيدة نظيرة المسؤولية بشجاعة ودون أي تردد وهي ما تزال في مقتبل العمر، متجاوزة الأعراف والتقاليد السائدة آنذاك، إذ لم يكن مألوفاً أن تتسيّد امرأة مجتمعاً محافظاً كالمجتمع الدرزي لم يسبق أن تسيّده غير الرجال من آل جنبلاط.فسرعان ما أمسكت بزمام الأمور بيد حديدية، مبرهنة على براعة في التعاطي مع مشكلات الجبل تارة بالحكمة والدراية وتارة بالحزم. وكونها سيدة متفوقة، كانت تثير حساسية وحسد أخصامها من الرجال. إلا أن جميع المحاولات للنيل من مكانتها كانت تبوء بالفشل. اهتمامها بتربية نجليها كمال وليندا لم يكن أقل من اهتمامها بالشأن العام وأمور الشوفيين الحياتية. أما القاضي جميل الشهال، الذي مارس مهنة العدالة في العهدين العثماني والفرنسي (في طرابلس الغرب أثناء غزو إيطاليا لليبيا وعكا واللاذقية وصيدا وطرابلس) فكان على الدوام موضع تقدير لنزاهته، وثقة تقارب الإيمان بصدقيته وصلابته في إحقاق الحق والدفاع عن المظلومين. وعندما تضمنت التشكيلات القضائية بنقله من طرابلس مسقط رأسه إلى بعقلين وبتعينه حاكماً للصلح من الدرجة الرابعة، أي بتخفيض رتبته ورابته، لم يستنكر وإنما تسلم مهامه الجديدة بصبر وروية.ولا بد أن السيدة نظيرة جنبلاط قد قابلت بارتياح تعيين حاكم للصلح في الشوف كجميل الشهال الذي عرفت عنه الكثير من خلال بعض الوجهاء الدروز الذين كانوا يمضون الشتاء في صيدا. بعد أسابيع من استقرار عائلة "الشهال" في بعقلين، أوفدت السيدة نظيرة مدير أعمالها الشيخ بشير بوحمزة للسلام على قاضي الصلح الجديد، ولم تأت هي، وإنما أرسلت مع موفدها تقول أن بإمكانها مقابلة القاضي الشهال في أي مكان يعينه خارج بعقلين، لأن السيدة نظيرة لا تأتي إلى بعقلين إطلاقاً بسبب كثرة العائلات الصديقة لها في هذه المنطقة، وهكذا بدأت أواصر الصداقة بين كل من السيدة نظيرة جنبلاط وبين القاضي جميل الشهال، وبدأت الرسائل تتداول فيما بينهما لتيسير أمور منطقة بعقلين السياسية قبل استقالته وللسؤال عن أخباره الشخصية وأخبار عائلته بعد تقدمه للاستقالة سنة 1935.وقد مضى أكثر من نصف قرن على تلك الرسائل المتبادلة المهمة بين زعيمة الشوف السيدة نظيرة جنبلاط وبين جميل الشهال حاكم الصلح السابق، وجد ابنه عدنان الشهال أن من واجبه وعرفاناً منه لصداقته الممتعة مع عائلات بعقلين العريقة، أن يضعها بين يدي القراء ليتعرفوا إلى بعض مناقب السيدة نظيرة جنبلاط خصوصاً ومناقب بني معروف عامةً.