تسعى هذه الدراسة لإثبات أن الفردوسي عندما نظم الشاهنامة أعاد صياغة أحداث إيران القديمة ومعتقداتها والأخلاق السائدة فيها وغير ذلك من جوانب بما يتمشى مع المفاهيم الإسلامية التي كانت سائدة في عصره وزمانه، لأنه لا يمكن تصور أن تكون شاهنامة الفردوسي مجرد كتاب يقدم معالجة أدبية لإيران القديمة بملوكها وصراعاتها وتقاليدها وبنياتها السيا...
قراءة الكل
تسعى هذه الدراسة لإثبات أن الفردوسي عندما نظم الشاهنامة أعاد صياغة أحداث إيران القديمة ومعتقداتها والأخلاق السائدة فيها وغير ذلك من جوانب بما يتمشى مع المفاهيم الإسلامية التي كانت سائدة في عصره وزمانه، لأنه لا يمكن تصور أن تكون شاهنامة الفردوسي مجرد كتاب يقدم معالجة أدبية لإيران القديمة بملوكها وصراعاتها وتقاليدها وبنياتها السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية وهو منظوم في أواخر القرن الرابع الهجري، أي في ظل حضارة أخرى ذات بنيات مختلفة، كما أنه ليس من المعقول ألا يتدخل الفردوسي بشخصه وثقافته وتركيبته الاجتماعية والسياسية في صياغة الأحداث والأفكار التي وصلته عن إيران القديمة.ويقوم منهجه هذه الدراسة بصفة عامة على ثلاثة محاور رئيسية المحور الأول هو شاهنامة الفردوسي، ويرتكز المحور الثاني على ما تتحدث به المصادر والكتب العلمية عن إيران القديمة. أما المحور الثالث فيقوم على ما ورد بالمأثور والتراث الإسلامي.وقد جعلت هذه الدراسة في أربعة أبواب، خصصت الباب الأول منها لدراسة أصول الشاهنامة، وهو يضم ثلاثة فصول، يتناول الفصل الأول عصر الفردوسي وثقافته، فقد كان الفردوسي ابناً للقرن الرابع الهجري، وهو عصر تبلورت فيه الثقافة الإسلامية لعلومها المتعددة.ولأن الأصول الفارسية للشاهنامة والشاهنامات المنثورة التي كانت مصدراً رئيسياً للفردوسي التزمت الروايات القديمة لأحداث إيران، فقد اختلفت عن شاهنامة الفردوسي اختلافاً بيناً في منطلقاتها وطريقة تناولها للموضوعات وهو ما خصصت له الفصل الثاني، أما الفصل الثالث فيدور حول مصادر التاريخ الإسلامي وتأثيرها على شاهنامة الفردوسي.أما الباب الثاني بفصوله الثلاثة فقد خصص لدراسة الروايات التاريخية في الشاهنامة، يتناول الفصل الأول الحديث عن كيفية معالجة الفردوسي للعلاقات الإيرانية العربية حتى الفتح الإسلامي، وذلك لاستنباط نظرته التاريخية وهي التي تحدد كيفية تناوله لأحداث الشاهنامة على وجه العموم. ويدور الفصل الثاني حول منظور الفردوسي من قضية الخلق والتكوين للوقوف على موقع الفردوسي من الروايات الإيرانية القديمة ومدى تأثره بالنظريات الإسلامية.أما الفصل الثالث فسوف يتناول بالبحث أوجه الشبه بين بعض قصص الشاهنامة وقصص الأنبياء كما وردت بالقرآن الكريم واكتفى بقصتي الضحاك وافريدون و"سياوش وسودابه" ومقارنتهما بقصتي "فرعون وموسى" و"يوسف وامرأة العزيز" كما وردتا بالقرآن الكريم.ولما كان التأثير الإسلامي المفترض قد تجاوز مجرد التشابه بين بعض قصص الشاهنامة وقصص الأنبياء إلى سيطرة بعض الظواهر السياسية والاجتماعية الإسلامية على الفردوسي أثناء نظمه للشاهنامة فقد خصص الباب الثالث بفصليه لدراسة الظواهر السياسية والاجتماعية عند الفردوسي في ضوء المفاهيم الإيرانية القديمة والنظريات الإسلامية، جاعلاً الفصل الأول يدور حول الظواهر السياسية أما الظواهر الاجتماعية فقد خصص لها الفصل الثاني.ولما كانت الشاهنامة كبناء فكري تقوم على أسس من العقائد والقيم الأخلاقية والثقافية، رأى الباحث أنه من الضروري تخصيص الباب الرابع بفصوله الثلاثة للحديث عن العقائد والقيم الأخلاقية والثقافية في الشاهنامة وذلك في إطار المحاور الثلاثة السالفة الذكر حيث جعل الفصل الأول للحديث عن الدين، والثاني عن الأخلاق، أما الثالث والأخير فقد خصصه لدراسة بعض القضايا الكلامية التي وردت في الشاهنامة، وأخيراً أثبت خاتمة أورد فيها أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال تلك الدراسة.