كتابة لها ملمس رمل النفوذ والدهناء في نعومتها وفرارها من بين اليدين قبل أن نمسك بالكلمات. كما أن فيها مس من شمس الصحراء بما تطرحه من أسئلة الطفولة التي عادة لا يسمعها الكبار. ولعل طفول حين اختارت وهي طفلة أن تكتب بعض يومياتها العادية في دفاتر المدرسة من اللعب والضحك والدرس والصداقات ومفاجآت تجارب التعلم الأولى ودهشة الاكتشاف أو ...
قراءة الكل
كتابة لها ملمس رمل النفوذ والدهناء في نعومتها وفرارها من بين اليدين قبل أن نمسك بالكلمات. كما أن فيها مس من شمس الصحراء بما تطرحه من أسئلة الطفولة التي عادة لا يسمعها الكبار. ولعل طفول حين اختارت وهي طفلة أن تكتب بعض يومياتها العادية في دفاتر المدرسة من اللعب والضحك والدرس والصداقات ومفاجآت تجارب التعلم الأولى ودهشة الاكتشاف أو صدمة بعض التقاليد والعادات لم تكن تعلم أنها تشعل فتيلاً لم يشعل من قبل في الكتابة الأدبية. إنها حقاً كتابة بريئة ترن كلماتها كأجراس سحرية من زعفران وماء فتستعيد لكل منا طفولته الهاربة. "كان بالامكان لطفولتي أن تكون حبيسة احدى فقاعات الصابون القزحية والبراقة، ولكن أنت من أطلق لمخيلتي عنان الأحلام. فما كان علي إلا أن انحط قلمي بماء الحياة.. وأصنع أجنحة تصل الى عين الشمس ولا تحترق. في ذلك اليوم نظرت إليّ حتى صرت أرى وجهي في دائرة بؤبؤ عينك الأسود الحاد.. أزحت الستائر عن النوافذ.. سللت لي من روحك خيوطاً شفافة رقيقة وواصلنا الركض.. أدنيتني من عالمك الساحر.. ودنوت من عالمي السحري. شكراً ماما.. جعلت أصابعي تلتقي بفضاء لا يحد.. لولاك ما كنت لأكون.. دائماً ما نقرأ –الطفولة- تلك المرحلة المرحة القزحية اللاذعة الهاربة بلغة من كانوا أطفالاً يوماً وابتعدوا عن تلك الأجواء التي يعيش بين تذبذباتها المختلفة الأطفال.. فلا نعود نلمس تلك الأحاسيس الطفولية بلغة الأطفال وانما غالباً ما نراها بعين الكبار.. فتحت الكاتبة طفول العقبي عيونها في بيت كانت الأوراق والأقلام فيه هي جزء من الهواء الذي تتنفسه.. جزء من الألعاب التي تحورها مرة دفتراً.. وأخرى طيارة ورق.. وثالثة بطاقة معايدة.. وأحياناً خربشات على جدار حتى وان لم تجد ما تكتب عليه، كتبت على الغيم والرمل.. وكانت احدى فسحها المجنونة هي أن تلتقط حواسها كل ما ترى، وعندما شعرت بأن تلك الأسطوانة التي بدخالها قد قاربت على الإنتهاء، ربما لقرب مفارقتها مرحلة الطفولة، قررت أن تنتش بعضاً من وحي الطفولة في دفترها الصغير. الآن وقد فارقت تلك المرحلة من حياتها عادت الى دفترها الوردي الصغير والذي تتربع على صدره قطة رمادية صغيرة.. جالت في أروقته.. وشعرت أن تلك الطفلة الصغيرة التي كانتها قد قفزت منه وأخذت تتجول في أرجائها.. ملأتها السعادة.. ذكرتها ببعض العبرات التي تجرعتها أو تجرعتها هي عنها.. وجددت لها ذاك الوعد القديم بأن تشرك طفولتها مع أطفال العرب وأطفال العالم الذين لا يفرطون بخبز طفولتهم وملحها مهما بلغوا من العمر.. فكانت هذه السطور التي تروي يوميات طفولة سعودية.