وجه مصر الحقيقي كان في الريف .. وغالبية المصريين كانوا هناك ، حيث الفقر والضنك والمعاناة والأمية والأمراض ، وكان الفلاح المصري مقهوراً محاصراً ، بين جشع المرابين ، واستغلال تجار المحاصيل . في هذا المناخ ، فتح سيد مرعي عينيه ، وعاش طفولته . ومع أن أسرته كانت من طبقة الملاك ، إلا أن انتماء تجاوز الأسرة ، وهي اللبنة الأولى في الوطن...
قراءة الكل
وجه مصر الحقيقي كان في الريف .. وغالبية المصريين كانوا هناك ، حيث الفقر والضنك والمعاناة والأمية والأمراض ، وكان الفلاح المصري مقهوراً محاصراً ، بين جشع المرابين ، واستغلال تجار المحاصيل . في هذا المناخ ، فتح سيد مرعي عينيه ، وعاش طفولته . ومع أن أسرته كانت من طبقة الملاك ، إلا أن انتماء تجاوز الأسرة ، وهي اللبنة الأولى في الوطن ، وكان انتماؤه بوجدانه إلى الوطن الكبير .. وانطبعت في ضميره صورة الفلاح المقهور الصامت الصابر. وفي مرحلة الصبا ، انتقل سيد مرعي مع أسرته إلى القاهرة ، للتعلم في مدارسها ، وكان قدره أن تكون إقامته في حي العباسية ، حيث ثكنات المستعمرين ... ومتنقلاً مع الأسرة من القاهرة إلى الريف ، بدأ يتفتح وعيه السياسي ، وبدأت التساؤلات التي لم يجد لها إجابات !! إلى أن تخرج في الجامعة من كلية الزراعة فعاد إلى الأرض ، إيماناً منه بأن قوة مصر ورخاءها في ريفها والتصق بالأرض والتحم بفلاحيها لمدة اثني عشر عاماً متصلة حتى بلغ السن التي تؤهله لدخول لبرلمان ، فكان أصغر نائب في سنة 1944 ، ليرفع صوت الفلاح المصري مدافعاً عن حقوقه ومصالحة ، ولتحقيق الإجابات عن كثير من التساؤلات التي امتلأت بها أحاسيسه طفلاً، ورأسه صبياً وشاباً جامعياً ... وهكذا ظل متنقلاً بين ريف مصر وفلاحيها ، والقاهرة وسياسييها، باحثاً عن الإجابات عن التساؤلات ، حتى قامت ثورة 23 يوليو ، فبدأت الإجابات بتحقيق آماله في إصلاح الحياة الاجتماعية للفلاح المصري ، حيث وجد المهندس سيد مرعي نفسه يقوم بصناعة أعظم إنجازات الثورة في المجال الاجتماعي ، بتنفيذ قانون الإصلاح الزراعي ، الذي كان نقطة تحول جذريه في المجتمع المصري ! كيف حدث هذا ؟ في الجزء الأول من " أوراق سياسية " يحكي المهندس سيد مرعي قصته مع مصر ، بدءاً من تاريخ مولده 1913، حتى قيام ثورة يوليو1952 . وهذه الأوراق تمثل جزءاً هاماً من تاريخ كفاحنا الوطني والسياسي والاجتماعي ، نقدمها للقراء ، وبصفة خاصة للشباب ، حتى يتناقش فيها مع الآباء ، لعل فيها بعض الدروس المستفادة والله ولي التوفيــق