تتحكم في عملية اقتباس لغة ما من لغة ثانية عوامل عديدة منها ما هو حضاري أو اجتماعي أو سياسي. ولا شك أن الصلات التي قامت بين البلاد العربية وإيران تمتد إلى أقدم الأزمان وكان أثر هذا واضحاً على بعض المظاهر الحضارية التي اقتبسها العرب من بلاد فارس وكان العرب منفتحين على اقتباس ما يحتاجون إليه.كذلك كان الأمر بالنسبة للغة إذ اقتبس منه...
قراءة الكل
تتحكم في عملية اقتباس لغة ما من لغة ثانية عوامل عديدة منها ما هو حضاري أو اجتماعي أو سياسي. ولا شك أن الصلات التي قامت بين البلاد العربية وإيران تمتد إلى أقدم الأزمان وكان أثر هذا واضحاً على بعض المظاهر الحضارية التي اقتبسها العرب من بلاد فارس وكان العرب منفتحين على اقتباس ما يحتاجون إليه.كذلك كان الأمر بالنسبة للغة إذ اقتبس منها العرب ما يحتاجون إليه ونجد أدلة واضحة على ذلك في الشعر العرب بالجاهلي والأموي كما حفل القرآن الكريم ببعض الألفاظ الفارسية المعربة وإن كان بعض علماء اللغة ينكرون أن يكون في القرآن الكريم ألفاظ غير عربية، على أن المتتبع لما اقتبسه العرب من لغات الأمم التي احتكوا بها، أنهم اقتبسوا أكثر ما يكون من اللغتين السريانية والفارسية.والفارسية أيضاً أخذت الكثير من السريانية لذا كان من الصعب القول فيما إذا كانت الكلمات السريانية التي دخلت على العربية جاءت مباشرة أو عن طريق اللغة الفارسية ولقد أخذ العرب اللغة الفارسية من المراكز الحضارية والاجتماعية الفارسية كالحيرة والمدائن وغيرها. ونحن إن تأملنا في الكثير من الألفاظ الفارسية المعربة التي اقتبسها العرب لوجدناها أكثر من أن تعد وتحصى منها ما سيمت به المآكل أو الأزهار والنباتات، والجواهر أو الآلات والأدوية والأسلحة والكثير من غير ذلك.والمعجم الذي وضعه الدكتور صلاح الدين المنجد جاء جامعاً لهذه الألفاظ المقتبسة إذ رتبه حسب الأبجدية العربية وأورد لكل لفظ شاهده من الشعر أو النثر. كما جعله معجماً تاريخياً أورد فيه الألفاظ الفارسية المعربة بحسب تاريخ دخولها إلى العربية فبدأ بالعصر الجاهلي ثم صدر الإسلام، بما في ذلك الألفاظ المعربة في القرآن الكريم والحديث النبوي وأقوال الصحابة. ثم يورد الألفاظ الفارسية التي دخلت في العصر الأموي وقدم شواهد من الشعر والنثر العربيين. والمعجم لا غنى عنه للدارس والباحث على حد سواء.