لم يجد أبو خليل في الحقيبة التي سرقها من شاب في المجمه التجاري وسط تل أبيب سوى الطلاسم، التي لا يمكن تحويلها إلى مال بأي حال من الأحوال.. حتى بطاقة الاعتماد لم يستطع أن يشتري شيئاً بها، حيث إنها كانت قد أحيلت إلى خارج الاستعمال قبل ذلك بيومين...كان أبو خليل الملقب بـ"خافيير" ينتمي إلى الفئة المعروفة بالمتعاونين، والذين فروا من ا...
قراءة الكل
لم يجد أبو خليل في الحقيبة التي سرقها من شاب في المجمه التجاري وسط تل أبيب سوى الطلاسم، التي لا يمكن تحويلها إلى مال بأي حال من الأحوال.. حتى بطاقة الاعتماد لم يستطع أن يشتري شيئاً بها، حيث إنها كانت قد أحيلت إلى خارج الاستعمال قبل ذلك بيومين...كان أبو خليل الملقب بـ"خافيير" ينتمي إلى الفئة المعروفة بالمتعاونين، والذين فروا من المناطق المحتلة إبان الانتفاضة الثانية وألقت بهم السلطات بواسطة شركاتها المشبوهة داخل أخياء الفقر والبؤس الاجتماعي، داخل المدن الساحلية المختلطة، بعد أن رفض مجتمع البلدات والمدن العربية استيعاب هؤلاء داخلهم.. وفي مجتمعات البؤس في المدن المتآكلة.. كان الفقر والإجرام والسرقة والزنا والمخدرات والتطفل بشكل عام بمثابة المصير الطبيعي الذي يقف شامخاً بالمرصاد، ليتلقف تلك الحيوات التي كانت تستولي على الحيز العام المشترك للأبنية التي تقطن فيها بوقاحة لا متناهية، وسط عجز وذهول السكان من اليهود، وكأنها تنتقم شر انتقام لكل ما نهب وتم الاستيلاء عليه في أكبر عملية نهب جماعي في التاريخ البشري المعاصر في العام 1948.. انتقاء مشوه وصامت لا يعيه المنتقم الذي لا يعرف أصلاً أنه قد يطلق عليه هذا الوصف في قراءة تفاؤلية متفهمة لعملية استباحته لكل ما يملكه المحيط من مال وحاجيات وحجر...القاسم المشترك لقصص راجي هو تلك الأجواء الغربية، أجواء حروب لم تتضح أهدافها، مدن لم تفصح عن نفسها إلا بالدم والشظايا، أجواء معتمة، غبار، فراغ يفضي إلى فراغ، نشوة لم تكتمل، كآبة تقود إلى كآبات، نساء شبقات دون رجال، رجال متسكعون، ترقب لشيء غير محدد، زمن مهشم..البطولة، في نصوص راحي بطحيش، ممنوحة للأسلوب والقدرة على ابتكار مادة سردية غير معلوكة من كثرة الاستعمال، وتدوينها بطريقة تدل على أن ثمة مزاجاً ونبرة ذاتية يتدخلان في صياغتها... إنها دعوة للقارئ ليكتشف نبرة شابة باتت تترسخ في السرد الفلسطيني..