كان المقهى خالياً... إتجهت فتاة نحو جهاز "الاستيريو" لتبدل الاسطوانة بأخرى... كان صوت "جولد" يثور حزيناً في أغنية ثانية:لقد رحلوا لكي ينتصروا..حين حطموا الحلم السحري..سقطوا!تُرى نحو أي محيط أخذتهم الرياح؟!هناك وجدوا مدينة الضوء..وهناك وجدوا مدينة الحرية...إلتفت إليه مصطفى... التقت العينان في لحظة البحث عن سؤال واحد.. كانا فنجانا...
قراءة الكل
كان المقهى خالياً... إتجهت فتاة نحو جهاز "الاستيريو" لتبدل الاسطوانة بأخرى... كان صوت "جولد" يثور حزيناً في أغنية ثانية:لقد رحلوا لكي ينتصروا..حين حطموا الحلم السحري..سقطوا!تُرى نحو أي محيط أخذتهم الرياح؟!هناك وجدوا مدينة الضوء..وهناك وجدوا مدينة الحرية...إلتفت إليه مصطفى... التقت العينان في لحظة البحث عن سؤال واحد.. كانا فنجانا القهوة فارغين.. وخارطة باريس مطوية.. فتركا المقهى وانصرفا سائرين يبتلعهما الشارع الطويل.. واصلا السير حتى بدا لهما نهر "السين" من بعيد.. ها أنت إذن يا نهر السين؟ أخذا يتأملان صفحة مياهه الموحية الهادئة.. أيها النهر.. كم أعطيت وعوداً للغرباء والبسطاء والتائهين الذين مروا من ها هنا.. يسكبون على ضفتيك حكاية الإنسان.. كم تواطأت مع الأحبة والعشاق فأخفيت أحلامهم المسائية في زوارق الدهشة.. كم استمعت في ضجر لسفسطة المثقفين التي لا تنتهي!! كم عبر جسورك بالأمس ثوار لم يبق لهم اليوم سوى الحنين.. يمضغونه في يأس كما يمضغ الناس الملل والقات والحشيش.. أيها النهر.. أنت شاهدنا الوحيد.. فلا تبح أبدأ بسر الحب والثورة.. ما جدوى ذلك؟! لقد ماتا ذات حزيران في الستين!!