لكل جماعة إنسانية قيمتها العليا التي تعبر عن حضور خاص لها في التاريخ، وهذه القيم ليست مجرد معايير أو مقولات فكرية تستعصي على التنفيذ السريع لاكتسابها مع مرور الزمن طابع المؤسسة الراسخة، بل هي أيضا قيم حيوية وفاعلة من حيث قدرتها على التحريك النشاط الإنساني وتوجيه الأفراد والجماعات باتجاه معين.من هنا فإن الشخصية التي لها طابع الرم...
قراءة الكل
لكل جماعة إنسانية قيمتها العليا التي تعبر عن حضور خاص لها في التاريخ، وهذه القيم ليست مجرد معايير أو مقولات فكرية تستعصي على التنفيذ السريع لاكتسابها مع مرور الزمن طابع المؤسسة الراسخة، بل هي أيضا قيم حيوية وفاعلة من حيث قدرتها على التحريك النشاط الإنساني وتوجيه الأفراد والجماعات باتجاه معين.من هنا فإن الشخصية التي لها طابع الرمز المعبّر عن هوية جماعة ما، هي عنصر أيديولوجي هام في تحديد تلك الجماعة لهويتها الجماعية ولتمييزها لذاتها عن الذوات الأخرى في مجتمعها الأوسع. وكل جماعة بشرية ودينية أو سياسية أو عرقية أو طبقية، تتخذ لنفسها رمزاً بشرياً، تماماً مثلما تنتقي لها شعراً يشير إلى شخصيتها المميزة بمجرد قراءة ذلك الشعار، الذي قد يلخص معاني عدّة في عبارة موجزة وجامعة.وفي التاريخ البشري نماذج عديدة لشخصيات تصل دلالاتها إلى حد الرمز المعبّر عن حضور خاص كجماعة في التاريخ. هناك شخصيات دينية، مثلاً: من حضور سروري عند الجماعات التي ترى في هذه الشخصيات تعبيراً عن حضورها في التاريخ. وقد تمثل بعض هذه النماذج في الشق المأساوي للبطولة، أى الشهادة، فتتخذ جماعة رمزها الشهيد أما من حاضر له وقع الكارثة عليها، أو أنها تستعيد هذا الرمز من إرث الماضي، الذي قد يجعل حاضر الجماعة بعض عناصره. صورة الحسين بن علي بن أبي طالب (شهيد كربلاء) عند الطائفة الإمامية، المعروفة أيضاً باسم الإثنا عشرية، هي النموذج الأمثل لدراسة معنى الشهادة ومفهوم الشهيد في الإسلام.وفي هذا الكتاب محاولة لقراءة هذه المضامين في عقائد الطائفة الإمامية، وفي الأسطورة التي نسجتها كتابات الشيعة وشعائرهم حول الحسين. وتتضح صورة شهيد الشيعة من هذا البحث عند طرح الباحثة لصورة البطل عند أهل السنة والجماعة مقابلها.