حرب تلد أخرى التاريخ السري لحرب الخليج

يرى المؤلف "سعد البزاز" أن الكتابة في العراق، وعن العراق، هي من اصعب واعقد مما تكون شفي أي مكان آخر وعن أي موضوع سواه، إذ ليس في المسافة بين الأبيض والأسود فسحة رمادية كبيرة للاجتهاد ونقض الاجتهاد، لذا لم يكن ممكناً وضع هذا الكتاب دون الوصول إلى ركام عن الملفات والوثائق السرية أي كان مقدراً لها أن تبقى طي الحفظ ربع قرن أخر من الزمان على الأقل ولكن قدراً من التفهم والاستجابة قد مكنه من قراءة محاضر حرب بدت صراعاً سياسياً طاحناً اكثر مما بدت حرباً عسكرية تقليدية تتعامل فيها قوتان متصارعتان، من هنا لم يكن في الجائزة أن يكتفي صانع هذا الكتاب بما قرأ في المحاضر والملفات والبرقيات، التي ذهبت إلى خزانات مقفلة هنا... وهناك بل لجأ إلى صناع الأحداث ليقابل المعلومات بشهودها، ويلتقط من أفواههم وانفعالاتهم تلك التفاصيل التي لم تسجل على الورق، ويحصد الإجابات عن الأسئلة التي لم ترو الأوراق ظمأ قارئها منها، ثم لم يكن ذلك كله كافيا، دون الاستماع إلى عدد من القادة العرب الذين كانوا طرفاً في مقدمات الصراع، ونتائجه، فأدلوا بما يشبه بشهادات للتاريخ عن أحداث مرت وقائعها، واحتفظوا بالكثير من أسرارها، استغرق جمع مادة هذا الكتاب سنتين كاملتين منذ الأيام الأولى لانفجار الصراع على الخليج، وقد كانت معلومات صغار الشهود على قدر كبير من الفائدة والأهمية، لأنهم متصلون بآخر شعيرات المواقف التي يصنع كبار القادة قرارات ولادتها، فتكشف شهاداتهم عن دقائق وتفاصيل تردم الهوة وتسد الفراغ، ولجأ الكتاب إلى عرض الوقائع على مدى فصوله كلها كما وقعت، تاركاً الخاتمة لوضع استنتاجات المؤلف واستقراءاته... للذي حصل... ويمكن أن يحصل... ولكن هل سيقول الكتاب الحقيقة كلها...؟