إن موضوع الإمامة هو محل الخلاف الرئيسي بين المسلمين، بين قائل بربّانية هذا الموقع وقائل ببشريّته، رغم اتفاق الجميع على ضرورة الإمام بعد النبي صلى الله عليه وسلم الأمر الذي تقتضيه البنية الداخلية للدين وغاياته الرسالية في تحقيق الهداية للبشرية.ولقد أولى الموضوع علماء الإمامية أقصى الاهتمام عبر العصور، بحيث لا يجد الباحث ثغرة في ا...
قراءة الكل
إن موضوع الإمامة هو محل الخلاف الرئيسي بين المسلمين، بين قائل بربّانية هذا الموقع وقائل ببشريّته، رغم اتفاق الجميع على ضرورة الإمام بعد النبي صلى الله عليه وسلم الأمر الذي تقتضيه البنية الداخلية للدين وغاياته الرسالية في تحقيق الهداية للبشرية.ولقد أولى الموضوع علماء الإمامية أقصى الاهتمام عبر العصور، بحيث لا يجد الباحث ثغرة في البنية المنطقية لهذا الموضوع، ومع ذلك فكان من المفيد تناوله بالبحث من جديد، كما فعل مؤلف هذا الكتاب، ولكن من خلال لغة جديدة تتوافق مع معطيات ثقافة الأجيال المعاصرة، وذلك بهدف إتاحة الموضوع إلى أكبر شريحة من الناس خارج أهل الاختصاص.ولقد تناول الموضوع في شقين؛ الشق الأول: المنطق النظري للإمامة؛ وخلال هذا البحث تجنب استعمال المصطلحات العلمية التي لا يفهمها إلاّ أهل الاختصاص ولم يلجأ إلى الاحتجاجات التقليدية والنقاشات المدرسية، بل ناقش الموضوع من خلال الظروف الواقعية للأمة من جهة أولى، ثم من جهة ثانية من خلال الظروف الواقعية للرسالة، بمعنى الشروط التي تحتاج الرسالة إلى توفّرها في الواقع الخارجي لكي تكون قابلة إلى تحقيق غاياتها في تقديم الهداية إلى الناس. وأظهر التطابق بين فحوى النصوص وبين ما تمليه الوقائع الخارجية من ضرورات لحفظ الرسالة على تماميتها وبقائها قابلة لتأدية دورها الهادي للبشر، وهذا التطابق بين فحوى النصوص وبين مقتضيات الواقع الخارجي لهو أفضل دليل على صدق هذه النصوص.والشق الثاني: الذي تناوله من الموضوع هو النصوص الحاكية عن إمامة العترة الطاهرة في العموم، وإمامة علي عليه السلام بالخصوص، سواء في القرآن الكريم أو السنة الطاهرة، لذلك اضطرر إلى تقديم تفسير للآيات التي اختارها معتمداً على استخراج الدلالة من خلال أسلوب البيان والتعبير بالدرجة الأولى، ثم أيد ذلك بأسباب النزول والسنة النبوية. ولم يكتف بإيراد النصوص النبوية، بل ناقش بعضها لرد التأولات التي تهدف إلى إخراجها عن مدلولها الظاهر.هذا ولقد بذل جهده في تبسيط الأفكار على وجه العموم لكي يتيح الفرصة للإفادة من هذا البحث لشريحة واسعة من الناس من متوسطي الثقافة وما فوق. وحرص على ذكر توثيق مصادره من كتب جمهور المسلمين وذلك لتكون الحجة أبلغ، كما حرص على ذكر قدرٍ كافٍ من المصادر لكي يكون الكتاب المقتنيه مرجعاً يُعتمد عليه.