تبتدئ "سورة الإسراء" بإثبات "التوحيد" عن طريق معجزة الهبة نقل الرسول صلى الله عليه وسلم فيها من أقدس مكان عند المسلمين، المسجد الحرام، إلى ثاني القبلتين، المسجد الأقصى في زمن قصير للغاية، لم يقف فيه أمام ناظره حجاب زمني أو مكاني، فتلاقت مكة والقدس أمامه، بزمن قصير، في نقطة واحدة. ثم تلاقت الأرض والسماء في روحه بعد عروجه من الصخر...
قراءة الكل
تبتدئ "سورة الإسراء" بإثبات "التوحيد" عن طريق معجزة الهبة نقل الرسول صلى الله عليه وسلم فيها من أقدس مكان عند المسلمين، المسجد الحرام، إلى ثاني القبلتين، المسجد الأقصى في زمن قصير للغاية، لم يقف فيه أمام ناظره حجاب زمني أو مكاني، فتلاقت مكة والقدس أمامه، بزمن قصير، في نقطة واحدة. ثم تلاقت الأرض والسماء في روحه بعد عروجه من الصخرة المقدسة إلى السماء، حيث رأى ما لا عين رأت.ثم عاد وهو محيط بمعلومات عن الكون الفسيح الذي يعجز العقل عن تصور حدوده بالزمان والمكان، بحكم محدودية القوى الحسية والقدرات الذهنية... عاد ليذكر الناس بالأجل المحتوم، بأن الموت خاتمة حياة أخرى. فالرحلة إذن تثبت التوحيد من خلال الهيمنة الإلهية على الأرض والوجود بأكمله، ومن خلال مشاهدة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم للجنة والنار والتذكير بحتمية زوال الدنيا، والحساب من قبل الله الواحد الأحد، بموجب أعمال الإنسان، هذا، إضافة إلى أمور أخرى تهم أبناء البشر بالنسبة لموضوع التقدم الحضاري. وفوق كل ذلك، فالوهلة تشكل دليلاً على إثبات مصداقية الوحي. وبذلك الإطار، فهي تقف كتدعيم للرسول صلى الله عليه وسلم في وقت خصام عنيف له من قبل مشركي مكة: بهذه الاتجاهات نرى أن مبدأ التوحيد سيطر على كل المعاني الواردة في السورة مما يعني بأنه يشكل المحور الرئيسي فيها.لقد تجلى ذلك المبدأ من خلال بكحث "تاريخي" عن العقاب للأمم الطاغية، ثم المسؤولية الفردية وسبل النجاح فيها. هذا إضافة إلى تقرير أحكام روحية تضع الالتزام بالتوحيد كبدء للأمور وفتهاها. فالتوحيد هو الأساس لصقل الشخصية البشرية، ولوحدة العائلة والمجتمع، بل ولوحدة العالم بأكمله، إذا سادت روح السلام والمحبة التي تدعو إليها كل الوسالات السماوية، والتي تقف معجزة الإسراء "كرمز" لها كما تشرحه الدكتورة "زاهية راغب الدجاني في هذه الدراسة التي تمثل منهجاً علمياً معاصراً في فهم معاني القرآن الكريم وتفسيرها.