"هذا المكان لا أرغب في رؤية أي من صور الماضي الكالحة أو الحاضر المشوشة قريباً منه خوفاً من عواقب صدفة ستتحول إلى مصيدة يضبطني على بابها كل من يعرف أنني مغرمة بالمفاجآت، فأفقد صلتي بالعالم إلى الأبد. ذلك لأن تلك الصندوقة الصغيرة يعتبرها من يعرفني علامة مميزة لوجودي، وفقط من يرى لهفتي والصندوقة الصغيرة تغامز المفتاح بكلمة السر وهو...
قراءة الكل
"هذا المكان لا أرغب في رؤية أي من صور الماضي الكالحة أو الحاضر المشوشة قريباً منه خوفاً من عواقب صدفة ستتحول إلى مصيدة يضبطني على بابها كل من يعرف أنني مغرمة بالمفاجآت، فأفقد صلتي بالعالم إلى الأبد. ذلك لأن تلك الصندوقة الصغيرة يعتبرها من يعرفني علامة مميزة لوجودي، وفقط من يرى لهفتي والصندوقة الصغيرة تغامز المفتاح بكلمة السر وهو معلق بعنقي سيفهم ما أعني. وأن تصطدم بلاهتي خلف النظارات السود ومقود السيارة المرتعد ببلاهة شاهر المتشككة والفزعة. بعدساته الطبية ذات الإطار الأسود ومقود سيارته المتخلي عن كل علاقة له بطابور السيارات الطويل، وطابور الشتائم، واستغاثات الزامور العصبي أمر لم يرد بالحسبان. تكهربت خطوط الشارع وعقول الناس بلحظة الصدام العشوائي تلك. شاهر الزفت وفي هذا اليوم، ببساطة أمر غير معقول. قبل بضعة أشهر فقط كانت حكاية وَلَه وشوق. طوال شهور عديدة ظلت صدفته محض حلم مرهق باستحالته. واليوم بالذات ونحن على مفترق السوء والاستياء معاً نجتمع، حيث كلانا متورط مع نفسه ولا يريد أن يتراجع عن قراره السفيه "أنت هناك وأنا هنا ويا دار صيري دارين".""الصندوقة" مجموعة قصصية تمتزج فيها العواطف الإنسانية بدقائق الحياة، فترتسم من خلالها لوحات فوضوية حيناً، قاتمة أحياناً، ومتلبسة بصور الحياة ومعانيها في جميع الأحايين، ترتسم تلك اللوحات بريشة تحول الكلمات إلى عالم يضج بتلقائية تعبيرية لطيفة تجذب القارئ وبشدّة إلى أجواء ومناخات صندوقة رجاء بكرية التي لم تنسلخ في جميع أحوالها عن قضيتها قضية وطنها وعذاباته، فها هي فلسطين تسكن في الحروف وفي المعاني وفي حكايا "الصندوقة". وتجدر الإشارة بأن هذه المجموعة القصصية "الصندوقة" نالت جائزة القصة النسائية في حوض المتوسط/مرسيليا، فرنسا، عام 1997.