إذا كانت الرواية ديوان العرب الحديث، فإن بطل الرواية هو الإنسان العربي الذي تعددت وجوهه وصوره، وهو بطل بالمعنى المجازي، لأن عصرنا عصر الهزائم واللابطولات، كما أنه بطل تعويضي، أي أنه يحاول أن يملأ فراغ البطولات المتحققة بالبطولات الفنية. وقد قام الدكتور حسن عليان بجهد علمي رصين عندما اختار البطل مفتاحاً لقراءة عميقة للرواية الحدي...
قراءة الكل
إذا كانت الرواية ديوان العرب الحديث، فإن بطل الرواية هو الإنسان العربي الذي تعددت وجوهه وصوره، وهو بطل بالمعنى المجازي، لأن عصرنا عصر الهزائم واللابطولات، كما أنه بطل تعويضي، أي أنه يحاول أن يملأ فراغ البطولات المتحققة بالبطولات الفنية. وقد قام الدكتور حسن عليان بجهد علمي رصين عندما اختار البطل مفتاحاً لقراءة عميقة للرواية الحديثة في رقعة زمانية واسعة تمتد من الحرب العالمية الأولى حتى عام 1973، كما اختار بقعة مكانية واسعة فوق القطرية هي بلاد الشام بتماسكها العربي ووحدتها الثقافية والوجدانية وأشواقها وتطلعاتها المشتركة. ولعل الرواية الشامية في هذا القرن لا تقل في تطورها وتحولاتها عما وصلت إليه الرواية العربية عامة، بل إن بعض الآراء تذهب إلى أن منطلق الرواية الحديثة كان في بلاد الشام علي يدي زينب فواز، التي كتبت روايتها وأصدرتها في لبنان قبل ظهور رواية "زينب" لمحمد حسين هيكل، كما أسهم كتاب الشام في الحقب التالية في نقل الرواية إلى آفاق رحبة متجددة من الجمال والفن وقد تتبع الدكتور حسن عليّان بالتحليل والنقد صوراً متعددة للبطولة بمعناها الفني والفلسفي، فتأمل الصورة التقليدية للبطل، وتتبع أزمة البطل واغترابه ومواجهته لواقعه انتصاراً وانكساراً، وكشف عن الوجوه السلبية والإيجابية للبطل من خلال مظاهر متنوعة ونماذج متعددة، وجاء ذلك كله في هيئة مراجعة دقيقة لتحولات البطل في النص الروائي، ودلالات ذلك في المرجع الواقعي الذي استند إليه الروائيون. إنها دراسة لا تتوقف عند جماليات الشكل، وإنما تتجاوزها إلى الربط المحكم بين الأدب والواقع، بين الرواية والأحوال التي عصفت بالإنسان العربي والكاتب العربي طوال قرن مضطرب. وهو كتاب غني بموضوعاته الجديدة، وقضاياه التي تثير فينا زوابع الأسئلة المسننة.