إذا ذُكِرَتِ الخَيلُ عِندَ العربِ، ذُكِرَ العِزُّ والفَوزُ والفَلاحُ، والنَّصْرُ والمَجْدُ، والسُّؤْدُدُ والنَّجاحُ، في الوقتِ الذي تُنَالُ المَطالِبُ، وتَتَحَقَّقُ الأماني، ويُحصَلُ على الأَوطارِ، فتُصانُ الأعراضُ، ويُحفَظُ الشَّرَفُ، ويُحافَظُ على المُروآتِ والمُقَدَّساتِ.. ويُذْكَرُ إلى جانِبِ ذلِكَ قَهْرُ أعـداءِ اللهِ، وإذْ...
قراءة الكل
إذا ذُكِرَتِ الخَيلُ عِندَ العربِ، ذُكِرَ العِزُّ والفَوزُ والفَلاحُ، والنَّصْرُ والمَجْدُ، والسُّؤْدُدُ والنَّجاحُ، في الوقتِ الذي تُنَالُ المَطالِبُ، وتَتَحَقَّقُ الأماني، ويُحصَلُ على الأَوطارِ، فتُصانُ الأعراضُ، ويُحفَظُ الشَّرَفُ، ويُحافَظُ على المُروآتِ والمُقَدَّساتِ.. ويُذْكَرُ إلى جانِبِ ذلِكَ قَهْرُ أعـداءِ اللهِ، وإذْلالُ المُعتَدينَ، ووَطْءُ الخُصُومِ، ورَدُّ المُعتَدِينَ..فَخَيْلُنَا هـي قِلاعُنـا المُتَحَرِّكَةُ، وحُصُونُنا الصَّامِدَةُ في وجهِ الأعداءِ الطَّامِعينَ، تَحُولُ دُونَ تَدْنِيسِ ثُغُورِ البِلادِ ودُونَ المِسَاسِ بِشَرَفِ الأوطانِ..ولِلَّهِ دَرُّ الأَسْعَرِ الجُعْفِيّ حيثُ قال:ولَقَد عَلِمْتُ على تَجَشُّمِيَ الرَّدَى أنَّ الحُصُونَ الخَيْلُ لا مَدَرَ القُرَى مَن يَقرأ كِتابَنا هذا، يُدرك وَفرَةَ أسماءِ الخَيلِ، وكَثرَةَ أوصافِها، وتَعَدُّدَ فُحُولِها، وغَزارَةَ المَوروثِ الفِكْرِيِّ الذي يجمَعُ مُصْطَلَحاتِها، المُرتَبِطةَ بِها، التـي تُؤَرِّخُ لِحَياتِها، ولِفُرْسانِها، وتُشيرُ إلى وَقائعِها..وكُلُّ هذا يَدُلُّ بِصِدْقٍ على اتِّساعِ دائرَةِ اهتِمـامِ العربِ بِها، وإعزازِهِم لَها، وتَعَلُّقِهِم الشَّديدِ بِها، ودَوَامِ تَفكيرِهِم بِأُمُورِها، وسَهَرِهِم على بِناءِ صِحَّتِها وعافِيَتِها..كما يُبَرهِنُ على عِلمِهِم الغَزيرِ بِها، ومَعرفتِهِم العريضَةِ الواسِعَةِ بِأَحوالِها، وجميع شُؤونِها. وسيَجدُ مَن يَقرأُ كِتَابَنا كيفَ كانَ العَربيُّ، كَثيرَ الاعتِزازِ بِفَرَسِهِ، شَديدَ التَّعَلُّقِ بِهِ، عَظيمَ المَحَبَّةِ لَـهُ، يَعشَقُ رُؤيَتَهُ، ويَفخَرُ بِمَزايـاهُ، يُطِيلُ النَّظَرَ في حُسْنِهِ، ويَعجَبُ بِجَمالِهِ وبَهائِهِ..ومِن هُنا جاء اهتِمامُهُ بِرِعايَتِهِ، وعِنايَتُهُ بِتَغذِيَتِهِ، ورَفاهِيَّتِهِ، وبَذلِ الجهدِ في تَنظيفِ بيئتِهِ، وإحسانِ تَدريبِهِ وتَمْرينِهِ، لِلارْتِقاءِ بِأدائِهِ، والحِفاظِ عل صِحَّتِهِ وعافِيَتِهِ.. فَرُبَّما كانَ فَرَسُ العَربيِّ أعَزَّ عليْهِ مِن بَنيهِ، وصاحِبَتِهِ وأخيهِ.