قد نوهنا في الكتاب الأول من هذه السلسلة المسماة (وجادلهم بالتي هي أحسن) أن الهكسوس هم اليهود، وبرهنا على ذلك بأدلة عديدة سقناها في مقدمة الكتاب الأول، كما أوضحنا ماهية القوم وعقائدهم وشرائعهم ومن إلههم المفضل، وبينا أن هذا الإله هو مزج لعدة آلهة تمثل محور الشر في الديانات السابقة لهم كالإله (ست) عند المصريين (إله الشر)، والإله (...
قراءة الكل
قد نوهنا في الكتاب الأول من هذه السلسلة المسماة (وجادلهم بالتي هي أحسن) أن الهكسوس هم اليهود، وبرهنا على ذلك بأدلة عديدة سقناها في مقدمة الكتاب الأول، كما أوضحنا ماهية القوم وعقائدهم وشرائعهم ومن إلههم المفضل، وبينا أن هذا الإله هو مزج لعدة آلهة تمثل محور الشر في الديانات السابقة لهم كالإله (ست) عند المصريين (إله الشر)، والإله (بعل) والإله (سوتخ) وغيرهم من الآلهة التي لا ترضى عن أي شخص كائناً من كان إلا بذبح القرابين البشرية على مذابحها، وأن هؤلاء القوم اتخذوا أصناماً عدة كملكوم والحية النحاسية والعجل الذهبي الذي نسبوا صناعته لنبي الله هارون ذاته، وكم استهان هذا الشعب بكل القيم الموجودة من حوله وبكل الآيات المرسلة لهم، بل بإله بني إسرائيل الفعلي ذاته، والذي خلصهم من عدوهم الأكبر فرعون مصر، وكم ضرب لهم من العجائب في الشعب المصري الذين وصفتهم التوراة بأنهم كانوا يتعاملون معهم على أنهم نجس ورجس على خلاف ما توضحه كل الوثائق القديمة من برديات وحفائر حجرية بأنهم شعب متقدم ومتسامح مع جميع الشعوب التي تتعامل معهم.وجدير بالذكر هنا أن نذكر بمدى الحروب التي كانت بين بني إسرائيل والشعوب الأخرى (الأغيار)، بل بينهم وبين أنفسهم، مما أسفر عن انقسام إسرائيل ذاتها إلى مملكتين منفصلتين، أذاقوا بعضهم البعض ويلات الحروب، إلى أن حل وقت السبي البابلي، مما أتاح الفرصة لمؤرخي وكتبة التوراة أن يصيغوا هذا الكتاب بشكل يجعل له نوع من المصداقية رغم أنه ذو نظرة أحادية دائماً، هذه النظرة دائماً وأبداً تصب البركات عليهم وتلعن لاعنيهم وكل من حاربهم، على الرغم من أنهم أهل غدر وغش وقساة القلوب وأولاد زنا، ليس هم فقط بل وأنبياؤهم أيضاً كما تصفهم التوراة – حاشا لله – ولكي يضفوا على هذا التحايل وتزوير الواقع والحقائق شيء من المصداقية كان لابد أن يأخذ هذا الكتاب شكلاً لاهوتياً وكهنوتياً، فتأثر الكتاب بما تأثر به بنو إسرائيل أنفسهم، بالديانات التي تعايشوا معها من قبل وخصوصاً الديانة المصرية ذات الصيت الذائع والتي أقاموا فيها أربع مائة عام كما تقول التوراة نفسها.وعليه كان لابد أن نناقش التأثير المصري على الشكل النهائي الحالي للديانة اليهودية، ببحث هذا التأثير في قصة رسول اليهودية الأعظم ومشرعها الأول (موسى) عليه السلام. حيث إن موسى عليه السلام – وكما أخبرتنا التوراة وفي أكثر من موضع – قد تعلم وتهذب بحكمة وعلوم المصريين في (عين شمس) مركز العقيدة الشمسية (الهليوبولوتية).